بدأ طلاب معهد الفنون في الجامعة اللبنانية عامهم الجامعي وسط بلبلة رافقت نتائج مباراة الدخول، سببها قبول أسماء لا يسمح لها ترتيبها بدخول المعهد وحرمان أخرى لمجرد أنّها ليست من أهل الحظوة!
فاتن الحاج
تقول القاعدة الذهبية إنّ أسماء المقبولين في مباراة دخول أي جامعة تصبح «مقدسة» بعد صدور النتائج. لكن هذا لم يكن حال مباراة معهد الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية حيث لم يردع إعلان الأسماء على الموقع الإلكتروني للجامعة، وفق الأعداد التي حدّدها مجلس المعهد قبل المباراة، المسؤولين من التلاعب بترتيب الناجحين، على خلفية نفعية وشخصية لا تستند إلى أية أصول قانونية أو أكاديمية.
وفي التفاصيل، أنّ عميد المعهد د. هاشم الأيوبي طلب في كتاب، حصلت «الأخبار» على نسخة منه، من مدير الفرع الرابع محمد الحاج تسجيل 8 طلاب، لا يسمح لهم ترتيبهم، ولو كانوا من الناجحين، بأن يقبلوا نظراً إلى أن الآلية تقضي بقبول أوائل الناجحين كما تبينهم اللائحة، وذلك وفق عدد معين يحدد قبل المباراة. وكان هؤلاء الطلاب قد تقدموا للمباراة في الفرع الأول (الحدث) والفرع الثاني (فرن الشباك) والفرع الثالث (طرابلس) ولم يُقبلوا وفق ترتيب النجاح، بل اختيروا وفق المحسوبيات، ليسجّلوا في الفرع الرابع (دير القمر). اللافت، أنّ الكتاب الموقع من العميد لا يحمل رقماً وارداً يدل على أنّه أدرج في سجلاتها، لا بل إنّه مذيّل بعبارة «مع كامل الثقة بوسع صدركم ووساعة أمكنتكم»!
هكذا إذاً، ومن دون العودة إلى مجلس المعهد، يرجو الأيوبي الحاج «السماح لكل من الطلاب الواردة أسماؤهم والناجحين في مباراة الدخول التسجيل في الأقسام الآتية:
«م.ز (هندسة معمارية، ترتيبه 46 بعد آخر المقبولين في الفرع الأول)، د.د (هندسة معمارية، ترتيبها 20 بعد آخر المقبولين في الفرع الثالث)، ع. أ (هندسة معمارية، ترتيبه 14 بعد آخر المقبولين في الفرع الثالث)، ب. ق (هندسة معمارية، ترتيبها 12 بعد آخر المقبولين في الفرع الثاني)، م.د (هندسة داخلية، ترتيبه 31 بعد آخر المقبولين في الفرع الأول)، أ.ن (هندسة داخلية، ترتيبه 13 بعد آخر المقبولين في الفرع الأول)، ه.ك (فنون إعلانية، ترتيبها 32 بعد آخر المقبولين في الفرع الثاني)، ون. أ (فنون إعلانية، ترتيبها 42 بعد آخر المقبولين في الفرع الثاني)». للتأكد من لائحة الناجحين والخروق التي ارتكبها العميد، يمكن دخول موقع الجامعة اللبنانية ثم كليات معهد الفنون ثم النتائج.
المشكلة لا تتوقف على اعتماد الشخصي بدلاً من عمل المؤسسات، بل هي في أنّ مثل هذا الإجراء يحرم طلاباً ناجحين نالوا ترتيباً أعلى لاجتهادهم، دخول المعهد. فهل يطعن هؤلاء بها؟ وهل يفعل ذلك، من باب أولى، مجلس المعهد؟ الطلاب، على الأقل، ينفذون اعتصاماً، العاشرة والنصف من صباح اليوم في باحة المعهد لمطالبة المجالس الطالبية والمدير «بكشف مَن وراء هذه الفضيحة».
هذا الخرق للأصول القانونية لم يكن الوحيد في مباراة «الفنون» وإن كان الأكثر فداحة. يُقر الأيوبي بأنّنا «أضفنا بإذن رئيس الجامعة د. زهير شكر 20 ناجحاً، ضمن الترتيب، إلى العدد المطلوب في قسم الهندسة المعمارية في الفرع الأول وهو 40 طالباً». والسبب، يقول، أنّ «عدد الذين ترشحوا للمباراة في هذا القسم بلغ 800 طالب نجح منهم 250، فارتأينا زيادة عدد الناجحين من باب فتح فرصة أكبر للطلاب لدخول الجامعة الوطنية».
لكن، لماذا لم يحصل ذلك قبل المباراة؟ وهل هناك امكانية لوجستية لاستيعاب العدد الإضافي؟ هل اتبعت الآلية المعهودة بالعودة إلى مجلس المعهد؟ يقول مدير الفرع الأول في المعهد أكرم قانصو إنّه رفع كتاباً بالتسلسل الإداري إلى عميد المعهد فرئيس الجامعة يطلب فيه زيادة 20 طالباً ناجحاً في قسم الهندسة المعمارية و10 طلاب في قسم السينما، إذ ليس منطقياً، برأيه، أن يكون عدد المقبولين هو نفسه في العام الماضي فيما تضاعف عدد المرشحين إلى قسم الهندسة المعمارية من 350 إلى 900 طالب، و«هذا طبعاً لم نكن نتوقعه قبل المباراة». يدرك قانصو أنّ «الطريقة الفضلى هي أن يمر هذا الكتاب عبر مجلس المعهد، لكن اجتماع المجلس يحتاج إلى وقت وهناك محددة معينة للتسجيل!». لوجستياًُ، يقول قانصو إنّه طلب تزويد الفرع بعض التجهيزات لاستيعاب الطلاب الإضافيين ونال موافقة رئيس الجامعة. لكن، ماذا عن استقالة بطرس روحانا، رئيس قسم المسرح والسينما، اعتراضاً على عدم إمكان المعهد الاستيعاب؟ يوضح قانصو أنّ الاعتراض كان شفهياً في جمعية عمومية للأساتذة قبيل بدء العام الدراسي، ولم أتسلم منه أي استقالة خطية «وبعدين أنا مش شايف في مشكلة لأنو العدد ارتفع فقط من 27 طالباً إلى 33 وقد تمنيت على روحانا عدم تقديم استقالته».
أما روحانا فرفض في اتصال مع «الأخبار» التعليق على الموضوع مكتفياً بالقول: «العميد بيحكي».
في مجال آخر، أضيف 11 طالباً إلى المقبولين في قسم الهندسة الداخلية في الفرع الرابع. يبرر الحاج الأمر بأنّ العدد المطلوب هو 30 طالباً فيما لم ينجح في المباراة سوى 23 طالباً، «لذا ارتأينا استكمال العدد بالناجحين في الفروع الأخرى وتبين لنا أنّ الطلاب السبعة ذوي المعدلات الأعلى جميعهم من الفرع الثاني. عندها قامت قيامة الفرع الأول فتمت الموافقة على نقل أربعة

يحرم الإجراء طلاباً ناجحين نالوا ترتيباً أعلى لاجتهادهم من دخول المعهد

طلاب ناجحين خارج الترتيب، حبياً»! على حد تعبير الحاج. هنا يؤكد قانصو أنّ الطلاب الأربعة نالوا أيضاً معدلات مرتفعة. لماذا إذاً أُخذوا من خارج الترتيب؟ يشرح المدير أنّ البعض يرفض الذهاب إلى دير القمر بسبب المسافة البعيدة عن العاصمة «إذا في ناس ما طلعوا لأنو هني ما طلبوا». لكن، ألا يجدر بكم أن تتصلوا بجميع الطلاب الذين يراعون الترتيب؟ «ما فينا نقول للكل، اللي بيراجعنا نقول له!».
بعيداً عن فضائح النتائج، يستغرب بعض الأساتذة أن تصحح 5600 مسابقة في 6 أيام. لكن محمد الحاج أشار، بصفته رئيس مركز امتحانات الدخول، إلى أنّ تصحيح المسابقات جرى من التاسعة صباحاً حتى الثامنة مساءً بين 17 تشرين الأول الماضي و 22 منه. الحاج يصف بالدعايات المغرضة التي لا تخدم الجامعة اللبنانية كل ما قيل عن محاولات إنجاح الطلاب عبر تبسيط مسابقة الثقافة باللغة العربية وتصحيح الأخطاء المادية المتعلقة بنقل العلامات من الكومبيوتر من دون العودة إلى مجلس المعهد ومطالبته شخصياً المصححين بعدم وضع علامة لاغية أي 5 /20 وما دون.
أما د. شربل كفوري، رئيس الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية، فيرفض المس بحقوق الطلاب وزيادة أي اسم على أسماء المقبولين وفق المعايير الأكاديمية الواضحة التي تحددها مجالس الكليات قبل المباراة، وعندما تصدر النتائج «نضع المسطرة وانتهى الموضوع». كذلك يسجّل كفوري موقفه الرافض للوائح الانتظار، لكن فيما لو وجدت فيجب أن تراعي الترتيب.
لكن، هل أعلنت لوائح انتظار فعلاً وأعطيت مهلة معينة لاستقبال طلبات المستحقين وفق ترتيب الناجحين؟ القضية برسم رئيس الجامعة د. زهير شكر ووزير التربية والتعليم العالي حسن منيمنة لا لأنّه وزير وصاية على الجامعة فحسب بل لكونه يؤلف حالياً مع «الرئيس» مجلس الجامعة بغياب تعيين العمداء.


الأيوبي: «شو عاملين مخابرات علينا؟»

«كلن طلابنا وبدنا نضبّهم، وإذا حلينا مشكلة كم طالب وكم عيلة بيقوموا علينا»، هكذا يختصر مدير معهد الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية ما حصل بعد صدور نتائج مباراة الدخول. ويستغرب الضجة حول الموضوع هذا العام، علماً بأنّها ليست المرّة الأولى التي يوزع فيها الطلاب الناجحون بحسب حاجات الفروع، «فقد نقلنا على سبيل المثال 7 طلاب نجحوا في الفرع الثاني إلى الفرع الرابع». ماذا عن لائحة الطلاب الثمانية الذين نقلوا من فروع عدة وأقسام عدة من خارج الترتيب؟ لا يجيب الأيوبي بدايةً عن هذا السؤال من باب «رفض التسريبات للصحافة»، كما قال، مضيفاً: «شو عاملين مخابرات علينا؟». ثم يردف: «على كل حال نحن لا نمارس ديكتاتورية على أهل الجامعة وإذا كان لديهم أي ملاحظة على أي خلل، فمن باب أولى أن يناقشوها معنا لا أن يسربوها للصحف». لكن الأيوبي عاد وأوضح «أننا نعلن اسماء الطلاب على لوائح الانتظار وإذا مرّت المهلة المحددة ولم يتقدم أي منهم وخصوصاً في فرع دير القمر بسبب مشاكل المسكن وما شابه، فلا نستطيع أن نرفض الباقين وهم ناجحون». ما الجدوى إذاً من مباراة الدخول؟