رامي زريقماذا يجري في عقول بعض موظفي الأمم المتحدة؟ يتصرفون أحياناً كأنهم مفوضون ساميون، يطلقون المواقف والأحكام، كأن لديهم سلطة منزلة على الناس تخوّلهم تقرير مصائرهم من خلف مكاتبهم الآمنة والمريحة. فنادراً ما يمرّ أسبوع من دون أن يأتينا صدى من إحدى الوزارات اللبنانية أو من منظمة مدنية ما أو حتى من الناس العاديين لتصرفات تعسفية وانحياز وتسلط يقومون بها، بالإضافة إلى دفعهم قدماً بأجندات سياسية واقتصادية، أقل ما يقال عنها أنها تخدم مراكز القوة ومصالح الأقوياء على حساب الضعفاء. وفي آخر حادثة من نوعها، تصريح لموظف رفيع في وكالة الأونروا، هو أندرو ويتلي، مفاده أن اللاجئين الفلسطينيين يعيشون في حالة وهم قاسية، وأن عليهم أن ينسوا حق العودة وأن يتأقلموا في البلدان الذين يعيشون فيها. هكذا، يلغي موظف في وكالة وجدت لمساعدة الفلسطينيين ريثما يعودون إلى وطنهم، حسب قرارات الأمم المتحدة ذاتها، حق شعب بكامله، بالعودة!
لا شك في أن من بين موظفي الأمم المتحدة العديد ممّن يؤمنون بالعدالة الاجتماعية وبنصرة الشعب الفلسطيني. إلا أن المشكلة تكمن في المؤسسة نفسها التي فقدت استقلاليتها وأصبحت كناية عن غطاء لسياسات الغرب، وخاصة الولايات المتحدة، التي عُيِّن سكرتيرها العام تعييناً من خلال مسرحية نفاق ديموقراطية على النسق الذي يهواه الغرب. أيظنون أننا لا نرى كيف تتصرف الأمم المتحدة، ولا سيما مجلس أمنها، بهدف خدمة الكيان الصهوني؟ أيظنوننا نسينا كيف وقفت صامتة يوم كانت طائرات العدو تنهش قرى الفقراء ومنازلهم في لبنان عام 2006؟ قد يكون الوقت قد حان للعاملين في الأمم المتحدة حتى يعيدوا تقويم نهج مؤسستهم والضغط عليها لتصحيح مسارها، حتى لا تجرّهم معها إلى غياهب تاريخ غير مشرّف.