ذهبت إحدى السيدات، وهي مسؤولة في جمعيات متخصصة بداء الصرع، للمشاركة في ندوة. لحظة الدخول، كان على السيدة تسجيل اسمها والجهة التي تمثلها. كتبت معلوماتها، وما كادت تنتهي حتى بادرتها إحدى الجالسات بالقول: «آه، إنتو المجانين». لاذت السيدة بالصمت، وهي والدة لطفلة مصابة بالصرع منذ الطفولة، لكونها لا تجد ما تواجه به «الآنسة التي تعاني عقماً في المعلومات المتعلقة بالداء».لا يختلف هذا التوصيف عما يقوله «الناس العاديون» الذين لا يعرفون عن المرض سوى أربع كلمات: معه نقطة. مجنون. مصروع. عندو كهربا. لا يمكن هؤلاء أبداً أن يختبروا ما عاشه حسين حمادة طوال 7 سنوات وما زال، وهو الذي شارك وطفلته المريضة أمس، في حفل إطلاق الحملة المدرسية لمكافحة الصرع في المدارس، بدعوة من الهيئة اللبنانية لمكافحة الصرع. يفتح الداء الباب أمام سلسلة من النقاشات، أوّلها غياب المعلومات الصحيحة عن المرض لدى الناس وأهالي المصابين أنفسهم. ثانيها غياب الاهتمام بمتابعة المرضى، وخصوصاً وزارة الصحة لجهة توفير الأدوية الباهظة التكاليف في معظم الأحيان. ثالثاً والأهم، نقص المعرفة بالمرض وغيره من الأمراض في المدارس، ولا سيما الرسمية، وغياب التدريب الكافي للمرشدين الصحيين في المدارس. «ما تروح بخيالك لبعيد، يللي بيوقع بالنقطة لإلك صديق». هي الحملة الأولى العلنية لمكافحة داء الصرع الذي يعاني منه الكثيرون. للحملة أهداف كثيرة، أهمها ما طرحه رئيس الهيئة الدكتور أحمد بيضون لجهة تغيير المفاهيم الخاطئة لدى الناس عن المرض. يتحدث الاختصاصي في أمراض الجهاز العصبي في مستشفى المقاصد سليم عطروني عن زيارات للمدارس للقاء الجسم التعليمي والأهل والمصابين، ومحاورتهم وإطلاعهم على طبيعة المرض بلغة موحدة تعتمد على كتيّب صمّم على طريقة الرسوم ليجذب انتباه الطلاب.
من جهتها، لفتت ممثلة وزير الصحة، رندة حمادة، إلى أن «الوزارة تضع إمكاناتها في متناول المهتمين بمكافحة هذا المرض، على أن تُعدّ الجمعيات أسساً للخدمات الكاملة، وتدرس تكاليفها كي تفعل الوزارة ما بوسعها في هذا الإطار لجهة توفير الأدوية». أما نينا لحام، ممثلة وزير التربية، فتطرقت لاستراتيجية برنامج الصحة المدرسة ودور المرشدين الصحيين. وأوضحت أن هناك «نقصاً في المعلومات، لكنهم يتابعون حلقات تدريبية في إطار الموضوعات الصحية».
(الأخبار)