تستعدّ الجامعة الأميركيّة في بيروت لانتخاباتها الطالبيّة الأربعاء المقبل. السياسة حاضرة كما هموم الطلاب. إلى جانب الموالاة والمعارضة السابقتين، عاد اليساريون والعلمانيون للمعركة بـ55 مرشحّاً
محمد محسن
في 19 أيّار الماضي، كان طلاب الجامعة الأميركيّة في بيروت يشبهون نقطة مضيئة. نسوا يومها الفروقات السياسية والطبقيّة في ما بينهم، وتظاهروا، كتلة واحدة ضد نظام الأقساط الجديد الذي أقرّته إدارة الجامعة. مشهد بدا لافتاً للجميع، أنعش الأمل بعودة الحركة الطالبيّة إلى سابق عهدها. لكن هذا الأمل تبدّد سريعاً. الفروقات السياسية ستعود، بقوة، الأربعاء المقبل، إذ ستشهد الجامعة الأميركيّة انتخاباتها الطالبية للعام الدراسي 2010/2011. يتنافس 264 مرشحاً على 109 مقاعد لمندوبي 6 كليّات كبرى تتوزّع كالآتي: 15 مقعداً لكليّة إدارة الأعمال، 17 مقعداً لكليّة الزراعة والعلوم الغذائية، 33 مقعداً لكلية العلوم والفنون، 22 مقعداً لكليّة الهندسة والعمارة، 9 مقاعد لكلية الصحة، 9 مقاعد لكلية الطب، و4 مقاعد لكليّة التمريض.
تنعكس حدّة الاصطفاف السياسي داخل انتخابات «الأميركية». ما بقي من 8 و14 آذار يتنافسان كالعادة. لكن ذلك لا يمنع من تمييز هذه الانتخابات عن تلك التي جرت منذ أسابيع في «اليسوعية» و«اللبنانية الأميركية». فهي ليست صراعاً بين طرفين سياسيين فحسب، أي الموالاة والمعارضة السابقتين، بل تدخل فيها أطراف أخرى. يمكن ردّ هذا التمايز إلى 3 أمور مهمّة: الأوّل يتمثل بعودة الكتل اليسارية والعلمانية إلى الانتخابات، ترشيحاً واقتراعاً، بعد مشاركات خجولة طبعت تحركاتها، منذ عام 2005. أمّا الثاني، فهو وجود نوادٍ طالبيّة تتمايز عن الأحزاب السياسية كالنادي الطالبي الفلسطيني. ثالثاً، كثرة الطلاب المستقلين، وهو ما يحرّك الرمال تحت أقدام اللوائح المدعومة من الأحزاب.
تتنافس 3 كتل كبيرة في هذه الانتخابات. تسعى كتلة «14 آذار» إلى الحفاظ على أغلبية أحرزتها العام الماضي، قوامها 53 مقعداً. لكن حساباتها على ما يبدو، ستتأثر بانسحاب «منظمّة الشباب التقدمي» من صفوف تحالف 14 آذار. زد على ذلك، تخوّف 14 آذار وتحديداً «شباب المستقبل» من أن يتكرر مشهد الانتخابات الأخيرة في «اللبنانية الأميركية»، حيث حسم الصوت الاشتراكي المعركة لمصلحة طلاب تحالف المعارضة السابقة على نحو كاسح. لكن الصورة في الضفّة المقابلة تبدو ضبابية. إذ يشير مسؤول الجامعات الخاصة في منظمّة الشباب التقدّمي، باسل العود، إلى أن «ورقة التفاهم مع حركة أمل في LAU تنسحب عملياً على انتخابات الجامعة الأميركية. تحالفنا مع أمل في الجامعات بدأ من الأميركية أصلاً» يقول. يتحدّث عن حملة مشتركة مع أمل عنوانها «we will» أي «سنفعل». وعمّا إذا كان هذا التحالف يسري على جميع أفرقاء المعارضة، يبدو جواب العود ضبابياً: «الاجتماعات ما زالت سارية حتى الآن مع جميع الأطراف في الجامعة». لكن الواضح هو عودة أمل والاشتراكي إلى صيغة تحالف ما قبل عام 2005. وتنقل مصادر طلابية عن «اجتماع سيعقد الليلة (أمس) لتحديد التحالفات بين فرقاء المعارضة، على قاعدة أن أي خلاف أكاديمي، إن حصل، لن ينسحب على سياسة أطراف المعارضة». ويشير مساعد مسؤول مكتب الشباب والرياضة المركزي في «حركة أمل» يوسف جابر إلى أنّ «تحالف الحركة مع الحزب الاشتراكي هو لمصلحة كل أطراف المعارضة. ما يحكى عن خطط للتشطيب كله كذب، التجربة في اللبنانية الأميركية أثبتت متانة تحالف قوى المعارضة مع الحزب الاشتراكي». أمّا التعبئة التربوية في حزب الله فتتّجه إلى تحالف واضح مع التيار الوطني الحر وباقي أفرقاء المعارضة.
23 مقعداً نالها المستقلّون العام الماضي، من المرجّح أن يزداد عددها. ترجيح تدعمه عناصر عدّة: أوّلها تجمّع القوى اليسارية من شيوعيين وعلمانيين وحركة الشعب في كتلة واحدة، يضاف إليها التحالف مع أندية طالبية فاعلة كالنادي العلماني، النادي الطالبي الفلسطيني، الأردني، ومجموعة من الطلبة السوريين. ثانياً، التململ من الاصطفاف السياسي في صفوف طلاب الجامعة،

يتنافس 264 مرشحاً على 109 مقاعد لمندوبي 6 كليّات
العامل الذي يشجّع طلاباً كثيرين على توجيه أصواتهم يساراً، بعدما يئسوا من مناكفات الأحزاب داخل الحكومة الطالبية، إذ تبقى المشاريع حبراً على ورق. فـ«لمجرد أن طرفاً سياسياً قدم مشروعاً يعارضه الطرف الآخر، تتوقف المشاريع الطالبية»، يقول طلاب كثيرون. هذه العوامل، قد تشكّل رافعة تؤهّل 55 مرشحاً علمانياً للوصول إلى مجالس الكليات، ومزاحمة الطلاب المتطابقة ميولهم مع القوى الحاكمة، داخل الحكومة الطالبية التي ستنتخب بعد صدور النتائج.
ماذا تملكون غير السياسة لتقدّموه للطلاب؟ سؤال يطرح نفسه على ممثلي الأحزاب والتيارات المتنافسة. يقرّ الجميع بأن للمعركة طابعاً سياسياً، لكن الشقّ الطالبي يهيمن على حملاتهم. هكذا، يرفض مسؤول «شباب المستقبل» طارق الحجار التهمة الموجّهة للحكومة الطالبية بالتواطؤ مع الإدارة في العام الماضي، لجهة تمرير مشروعها بالنسبة إلى الأقساط «لقد يسّرنا أمور الطلاب، وازدادت المنح الجامعية. سنبحث موضوع الأقساط في أول جلسة بعد النتائج» يقول. يهمّنا أيضاً تأمين مواقف سيارات لطلاب الجامعة». من جانبه، يؤكد رئيس النادي العلماني ماريو بوزيد مجموعة مطالب، أهمّها «إلغاء زيادة الأقساط، تفعيل العمل الطالبي داخل حكومة الطلاب» يقول. أمّا الطالب علي نور الدين من النادي العلماني فيشدد على «أننا هذا العام كتلة مرشحة للربح والنضال الطالبي، لا لخرق لوائح الآخرين فحسب».