بسام القنطارالمحادثات بشأن المناخ التي ستنطلق في المكسيك، نهاية الشهر الجاري، لن تكون إلا مرحلة على طريق التوصل الى اتفاق عالمي ملزم. وفيما تغرق الولايات المتحدة في نتائج انتخاباتها، لا تزال الصين تراوغ في مستوى الالتزامات التي تعهدت بها، فيما تتجه دول الاتحاد الأوروبي الى التزام خفض الانبعاثات بنسبة ٣٠ ٪ في عام ٢٠٢٠، من دون انتظار باقي دول العالم للتحرك ضمن المعاهدة الإطارية التي ترعاها الأمم المتحدة.
هذه الخلاصة، توصلت اليها الندوة التي دعت إليها منظمة آندي آكت، أمس، بالتعاون مع السفارتين البريطانية والمكسيكية ووزارة البيئة، في فندق كراون بلازا في بيروت. وتعقد الندوة قبل أيام من انطلاق المؤتمر السادس عشر لأطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في كانكون ـــــ المكسيك.
وقد أطلقت آندي آكت في الندوة ورقة حول سياسات تغير المناخ الدولية، أظهرت أن مؤتمر كانكون لن يكون خاتمة عملية المفاوضات الحالية، لكنه مفصل مهم جداً للحفاظ على وتيرة المحادثات، من حيث تأكيد أهميتها وللتوصل الى اتفاق عالمي ملزم. وأكدت الورقة التي عرضها مدير حملة المناخ في آندي آكت وائل حميدان، أنه في حال فشل مؤتمر كانكون ستكون هناك تداعيات خطرة على مسار المفاوضات عموماً، ما سيسبب آثاراً كارثية على مستوى الدول العربية التي لن تستطيع أن تؤمن مصالحها الاستراتيجية، إلا من خلال عملية المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة.
بدورها، قالت السفيرة البريطانية فرانسيس غاي «أتمنى أن يكون البعض لا يزال يذكر فيلم عصر الغباء، فإن دروسه لا تزال قائمة إلى حدّ كبير. يمكننا أن نقول إن التوعية في لبنان حول الأمور المتعلقة بالتغير المناخي قد زادت منذ السنة الماضية، كما أن المفاعيل اليومية للاحتباس الحراري قد بلغت ذروتها. في لبنان، شاهدنا مشكلة قلة الثلوج في فصل الشتاء، والمخاطر المتنامية لحرائق الغابات إن لم يكن هناك أمطار في هذا الوقت من السنة. إن الوقائع الدراماتيكية نتيجة تغير المناخ قد أصبحت في وعينا جميعاً».
في الندوة أيضاً، عرض للموقف الرسمي للبنان من مفاوضات تغير المناخ، قدمته ليا قاعي من وزارة البيئة، وبدا واضحاً أن لبنان قد بدأ باتخاذ خطوات جدية في المفاوضات، من خلال صياغة موقف رسمي وإشراك المجتمع المدني في هذه العملية. إلا أن نقاط الضعف الأبرز التي بيّنتها الندوة هي أن تعهد لبنان بالتحول بنسبة ١٢٪ الى الطاقة البديلة بحلول عام ٢٠٢٠، الذي أعلنه الرئيس سعد الحريري في كوبنهاغن، لا يزال تعهداً طوعياً وغير ملزم، بدليل عدم البدء بخطوات عملية لتنفيذ هذا التعهد ضمن روزنامة زمنية واضحة وخطة مشتركة بين مختلف الوزارات والقطاعات. وفيما ينتمي لبنان إلى مجموعة الـ٧٧ والصين في المفاوضات، دعت آندي آكت لبنان إلى الانضمام لمبادرة دول حوض البحر المتوسط لمكافحة تغير المناخ التي يمكن أن توفّر مصدراً مهماً لتمويل خطط مكافحة تغير المناخ على المستوى الوطني.
مناقشات الندوة التي حضرها سفراء وقناصل الدنمارك والمكسيك وهولندا والنروج وأستراليا والعراق والصين وكوريا، ركزت في جانب منها على ضرورة تبديد الهواجس المشروعة لمجموعة البلدان المتقدمة والنامية، خصوصاً أن مناقشة تنفيذ أحكام الاتفاقية التي يجب توقيعها خلقت جواً من انعدام الثقة بين الفريقين. وعلى ما يبدو هناك استحالة حتى اللحظة في الاتفاق على مسائل أساسية مثل كمية الانبعاثات التي يحتاج كل فريق الى خفضها، وقيمة الدعم المالي الذي ستقدمه البلدان المتقدمة وكيفية توفير هذا التمويل.
ومن المقرر أن تجتمع وفود من 194 دولة في منتجع كانكون المكسيكي بين 29 تشرين الثاني و10 كانون الأول في محاولة للتوصل الى اتفاق بشأن تقليص انبعاث الغازات الدفيئة بعد فشل قمة كوبنهاغن العام الماضي.