رامي زريقأشارت دراسة رسمية حديثة في الولايات المتحدة إلى تفاوت كبير في متوسط العمر المتوقع بين المجموعات الإثنية في أميركا. فالسكان الذين تعود أصولهم إلى أميركا اللاتينية وجزر الكاراييب (Hispanics) يعيشون أكثر بسنتين من ذوي الأصول القوقازية (أي البيض)، وأكثر بثماني سنوات من ذوي الأصول الأفريقية! يعود هذا الفرق الشاسع، بحسب الدراسة، إلى النمط الغذائي التقليدي الذي لا يزال يتبناه الجيل القديم من ذوي الأصول اللاتينية. فهؤلاء لا يزالون مرتبطين بالعادات الغذائية التي حملوها معهم من بلادهم حين هاجروا نحو الولايات المتحدة للعمل. أما أبناؤهم من الجيل الجديد، الذين تبنوا عادات المجتمع الأميركي، حيث تمثّل نسبة النفقات على الأغذية المصنعة 90% من الإنفاق على الغذاء، فقد بدأت صحتهم تتهاوى. فالغذاء اللاتيني التقليدي غني بالفيتامينات والمعادن الدقيقة التي يحتاج إليها الجسم. قد يكمن السبب الرئيسي لانتقال الجيل الجديد من اللاتينيين من الغذاء التقليدي إلى الوجبات الجاهزة في الإعلانات التي تحثّهم على استهلاك منتجات الشركات الكبرى. إلا أنّ هناك أسباباً أخرى أيضاً، منها عملهم لساعات طويلة يومياً، بينما يتطلب إعداد المأكولات التقليدية وقتاً طويلاً.
بالرغم من توغل المنتجات الجاهزة في حياتهم، لا يزال العديد من اللبنانيين يأكلون من «طبخ البيت» الغني بالخضار وبالمكونات الصحية. هل لأن اللبناني حريص على تراثه الغذائي؟ في الواقع، يبدو أن سرّ نجاحنا في الحفاظ على هذا النمط الغذائي يكمن في مكان آخر، هو أننا لزّمنا مطابخنا وبيوتنا إلى عاملات مهاجرات أصبحن هن الذاكرة الحية للمطبخ اللبناني في الوقت الذي يتعرضن فيه لأبشع أشكال الاستغلال والعنصرية. لكل هؤلاء النسوة: تحية برائحة الصعتر.