سمير يوسفغداً يصل إلى جمهوريّة «لوك – أويْل» رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانيّة، في زيارة رسمية ودّية. هي زيارة نوعية وتاريخيّة بكلّ تأكيد، ستشدّ عيون الكثيرين واهتمامهم إليها. ليست فقط الحظيرة السياسية الداخلية التي انقسمت كعادتها إلى شطريْن هي وحدها من سيراقب الحدث عن كثب، بل العالم كلّه، أقلاماً وكاميرات وأقماراً صناعية. غداً سيقف الجميع حابسين أنفاسهم، وشاخصين أمام الشاشات، بانتظار ما سيقوله الرئيس الإيراني النووي. خلال الأيام المقبلة، وبحسب جدول مواعيد الزيارة المعلن، سيتابع الجميع، وهم بالمئات، باهتمام بالغ، ذهاب الرئيس الضيف إلى الجنوب ليتأكدوا إذا كان سيرمي شيئاً ما إلى الجهة المقابلة، مع أن الأمين العام لحزب الله قد سبق أن نفى الموضوع بحسّ الدعابة المعتاد الذي يمتلكه. نهار الأحد الماضي، كانت ابنة «الكوماندانتي» تشي غيفارا، هي أيضاً، في الجنوب. من هناك، صرّحت عن موقفها مؤكدة أنها تحترم خيارات الشعوب بالمقاومة وبتحرير الأرض وبممانعة الطغيان رغم أنها ليست من المنطقة، كما ذكّرت جمهور المستمعين إليها عبر الشاشات، لافتة إلى أنها تشعر بما يجري هنا، وإلى أنها، قبل كلّ هذا، تشعر بروح أبيها تجوب الجنوب طولاً وعرضاً. إذا أردنا، يمكننا فصل الموضوعيْن عن بعضهما، أي غيفارا ونجّاد، خصوصاً أن الشخصيتينْ لم يسبق أن دخلتا معاً وأدّتا صلاة الجمعة في المسجد ذاته.
لكن في المقابل، طبعاً إذا أردنا، يمكننا أن نتحدث عن رابط ما بين الحدثيْن. نيكيتا خروتشيف لم يطأ الأراضي الكوبية رغم ثورة 59. لم يأخذ طائرة الأمانة العامة ولم يهبط بها في هافانا ولم يتعرف إلى «بوينا فيستا سوشال كلوب». خروتشيف أرسل لاحقاً ممثلين عنه إلى كوبا. كانوا كثراً، وكان أبرزهم صواريخ نوويّة أطلق عليها حلف شمالي الأطلسي اسم «SS5». هنا يكمن وجه التقارب، وفوقه «حبّة مسك». فـ«الحليف/ العدوّ الصفوي»، السيّد أحمدي نجاد، سينجز ما لم ينجزه خروتشيف وسيصل غداً إلى أرض المقاومة، وعلى رأسه «الهالة النوويّة» التي شغلت العالم السياسي والعسكريتاري منذ عشر سنين وربّما أكثر. محادثات، مفاوضات، نجاحات، إخفاقات، علماء روس يرحلون ثم يعودون، تـقارير، اجتهادات استخباريّة، خطط عسكريّة لضربة قاضية، بارانويا «إسرائيليّة». كلّ هذا فقط من أجل الجمهورية الإسلامية.
اللافتات النوويّة انتشرت، خصوصاً على فايسبوك، وهناك قسم من الشعب اللبناني بدأ يفكّر بسوق جديد للعرض والطلب. استُبدلت البطاريات وكل منتجات الطاقة الأحفوريّة بالطاقة النوويّة. «يلّي عندو isotope عتيق للبيـع»، يصرخ جابي الخردوات في الشارع. كميّة الخرافات تزداد لكن لا ضيْر في ذلك على الإطلاق. يحقّ لنا نحن اللبنانيين أن نفرح اليوم، ليس بسبب الزيارة طبعاً، ولا بسبب جمال الرئيس الإيراني الفاتن، لكن لأننا، وفي ما يتعلق بحربنا مع الدولة العبرية، أصبحنا نشعر بنفحة من الثقة كانت معدومة تماماً قبل تموز 2006.