رامي زريقيتفق معظم المراقبين على أن مفاوضات «تغيّر المناخ» انهارت وعلى أننا عدنا الآن الى خانة الصفر، نبحث عن طريقة لإعادة بثّ الحياة في قضية يعدّها الناشطون في المجتمع المدني مصيرية للبشرية، بينما تتعامل معها الحكومات، وخاصةً في البلدان الصناعية، على أنها عائق مزعج لعجلة النمو الاقتصادي الدائم. ولكن، كيف ولماذا انهارت هذه المفاوضات، تماماً كما انهارت المفاوضات بين محمود عباس ونتنياهو، والمفاوضات بشأن النووي الإيراني وغيرها وغيرها؟ الجواب السريع هو أنّ مبدأ التفاوض يُفرَّغ من معناه إذا لم يوضع في إطار علاقات القوة الموجودة بين المتفاوضين. فكيف يستطيع الضعفاء مواجهة الأقوياء الذين يمسكون بكل حبال السلطة؟ هل يتوقعون فعلاً أن يساوم الأقوياء على مكتسباتهم؟ فذلك سلوك لا يحصل إلا في عالم الخرافة والخيال، حيث يعيش الليبراليون على أشكالهم، وحيث تتاح فرص المساواة للجميع كأنهم يعيشون في فيلم «slum dog millionair». أما باقي الناس، فهم يعيشون في الواقع البشري، في «عصر الزنوج والأميركان»، حيث يعاقَب التمرد على الإمبراطورية بالموت على يد مجموعات المرتزقة و العملاء. ثمة مناسبات رمزية تأتي لتذكّرنا بهذا الواقع في لبنان اليوم: زيارة الرئيس الإيراني المشاكس، زيارة اليدا غيفارا وانحناؤها على أضرحة شهداء صبرا وشاتيلا والحاج عماد مغنية، قضية المحكمة الدولية والمحاولات الفاشلة لاغتيال المقاومة، وتهديدات السيد فيلتمان المبطنة.
كان المجتمع المدني المهتم بشؤون البيئة قد وضع آمالاً كبيرة في مفاوضات المناخ التي بلغت أوجها في قمة كوبنهاغن. إلا أنه يكتشف اليوم حدود قدرته على إحداث تغيير تاريخي إن لم ينتزع القوة من مراكزها ويواجه بها أعداء الحياة. فما العمل؟