قاسم س. قاسم
«هلّق الحمام بيوقّع طيارة؟ أصلاً شو بدو يفوّت حمامة بموتور الطيارة». لا تعرف إن كان محمود عساف ابن منطقة الأوزاعي يحاول أن يقنعك أو يقنع نفسه بأن هوايته، «كش الحمام» لا تسبب خطراً على سلامة الطائرات التي يحلق بعضها تماماً فوق منزله. يسهب الشاب العشريني الذي يبدو حين تسمع حديثه «التقني» كأنه مهندس طائرات، بالدفاع عن وجهة نظره، قائلاً: «الطائرة مصنوعة من الألومنيوم، وشفرات محركاتها لن تتأثر بكتلة صغيرة مثل الحمام، إذا كانت تعمل بسرعتها القصوى». يحاول عسّاف أن يقنعك بهدف تأكيد وجهة نظره، فيضيف ساخراً: «هل تتصوّر أن المهندسين الذين صمموا طيارة بتمشي على الكومبيوتر، لم يفكروا برأيك بموضوع شي حمامة فاتت بالموتور أو ضربت بزجاج الطائرة؟»، ينظر إليك كمن يتفحص وقع حججه عليك، ثم يضيف: «كمان ما تنسى في محركين، إذا وقف واحد التاني بيضلوا عم يشتغل». يصمت الشاب، يتأمل وجهك بانتظار جوابك. ترد بالقول إن الدولة أصدرت قانوناً يمنع أبناء المنطقة من كشّ الحمام لضمان سلامة المطار، وخصوصاً أن حوادث سقوط الطائرات بسبب الطيور ليست مزحة، إذ سقطت في عام 1988 طائرة إثيوبية في مطار أديس أبابا عندما اصطدمت بسرب من الطيور، ما أدى إلى مقتل 31 راكباً من أصل 105 كانوا على متنها. «إيه، بعرف أول فترة طبقوه للقانون ومنعونا من تربية الحمام، بس بعدين صارو يطنشوا»، كما يقول. يقرر عساف أن يأخذك إلى سطح منزله، بعدما رأى أنك لم تقتنع بما قاله. ينبئك هديل الحمام بأنك اقتربت من وجهتك. تصعد إلى السطح الفسيح، يفتح باب قفصه الكبير، يريك ثروته من الطيور «حيلتي وفتيلتي» كما يقول، ثم يبدأ بشرح أنواعها، «عندك الهزّاز، لأن رقبة الطير راجعة لورا، وعندك الطير الباكستاني». ثروة عساف هي «أربعون طيراً و20 زغلولاً». يضيف: «هلق بتشوف كيف بكش الحمام، وبتتأكد بعينك كيف ما منقرب صوب المطار وما بصير شي للطيارات». يضيف ضاحكاً: «تأكد ما رح نوقع شي طيارة نحنا وقاعدين». يبدأ عساف بتجهيز «القعدة»، يحضر رأس أركيلته وركوة القهوة. يخرج الشاب حماماته من الأقفاص، ويطيّرها. يتحدث عساف عن الفترة التي اتخذت فيها الدولة قراراً بمنع كش الحمام، وكيف كانت دوريات الدرك «تدهمنا، ومنعونا لفترة، لكن يبدو أنهم ملّوا منا، بعدما وجدوا أننا لا نزال نمارس هذه الهواية»، كما يقول. فجأة يبدأ الشاب بالصفير، «فاتوا الكشتين ببعض» يقصد سرب حمامه بسرب آخر يتبين أنه منافس. تتأمل السماء فتجد أن أعداد الحمام ازدادت «فاتت كشتي بكشة ابن المقداد» يقول لمزيد من الشرح. «إذا ما رح نزّلك 3 طيور يا مقداد ما بكون اسمي محمود» يقول الشاب. لحظات وتهدأ المعركة الفضائية. لم يكسب محمود أي طائر يضيفه إلى ثروته. تعود إلى حديثك معه، تسأله: «شو بتعمل إذا رجعوا منعوكم من كشّ الحمام». يجيب: «منوقف فترة، منرجع منكشّّ، مش واقفة علينا، خليهم يروحوا يفتشوا على الحرامية، ضاقت بعينهم ساعتين بالنهار منكشّ فيهم؟».
هكذا، لا يزال كشاشو منطقة الأوزاعي يخالفون القانون، حتى إنهم أصبح لديهم واسطات عند القوى الأمنية، حسب ما يقول صاحبنا. ففي بعض الأحيان «بخبرونا قبل بوقت إنو جايي كبسة»! تترك الشاب ملتهياً بحمامه، تقصد البيوت الأقرب للمطار. يجلس حسين الحركة على سطح منزله. الشاب الثلاثيني لديه هواية مراقبة الطائرات. يحدثك بقلق عن مشكلة «كش الحمام، إذ يمكن الطير أن يُسقط طائرة» فوق رؤوسهم طبعاً. يضيف: «من يومين (منذ فترة) قالوا نزلت الطيارة الأوكرانية بسبب طير، طلعت المشكلة عطل تقني، شو بيمنع
صدر قانون يمنع أبناء المنطقة من كشّ الحمام لضمان سلامة المطار