طرابلس ــ عبد الكافي الصمدأثارت حلقة برنامج «كلام الناس» على شاشة المؤسّسة اللبنانية للإرسال ردود فعل طرابلسية استدعت عقد لقاء عاجل بمشاركة البلدية والمجتمع المدني. «المسؤولية تترتب علينا جميعاً». هكذا يستهل رئيس بلدية طرابلس نادر غزال اللقاء، الذي عُقد في قصر رشيد كرامي الثقافي البلدي. الهدف هو «التشاور في ما يحاك للمدينة من فتن ومؤامرات وشائعات تهدف إلى النيل من استقرارها وأمنها وعيشها المشترك»، أو هذا على الأقل ما جاء في بيان وزّع عقب اللقاء.
لم يذكر البيان أنّ مناسبة اللقاء هي الحلقة التلفزيونية، مع أنّ الدعوة التي وجّهت إلى المشاركين والإعلاميين كانت تحت هذا العنوان. ثم إنّ معظم المداخلات تطرقت إلى ما تركته الحلقة من «أثر سلبي» على صورة طرابلس في نظر أبنائها والآخرين.
يؤكد غزال أنّ الأمر طارئ و«ليس باستطاعتنا أن ننتظر أكثر»، محذراً من «مرور البلد في مرحلة دقيقة، والمواطنون ينظرون بقلق إلى إمكان أن تكون طرابلس ساحة لتنفيس الصراع الحاصل».
كلام غزال دعا ممثلي المجتمع المدني إلى تقديم مداخلات وإبداء مقترحات أجمعت على دعوة البلدية إلى «منع تعليق اللافتات في أرجاء المدينة منعاً باتاً، لأنها تؤدي إلى رفع منسوب التحريض والاحتقان، وتشويه صورة طرابلس»، على حد تعبير هند الصوفي من جمعية شبابنا. لفتت الصوفي إلى أنّ «اللافتات لا توفّر حتى الحياديين نظراً إلى ما تثيره من نعرات وتسهم في تأزيم الوضع».
غزال أوضح أنّ «ما نقوم به ليس موجهاً ضد أي وسيلة إعلامية، لكن حلقة «كلام الناس» كانت قد فرضت هذا التحرك». هذا الموقف لاقى تأييد معظم المشاركين، فدعا محمد المصري الإعلام إلى «إظهار الصورة الحقيقية للمدينة بسلبياتها وإيجابياتها، فطرابلس ليست قندهار لتصوّر على هذا النحو». أما مصطفى الحلوة، فطالب «بالقيام بحملة مضادة للدفاع عن المدينة».
نسيم ضناوي من جمعية العزم والسعادة رأى أن «الإعلام لم يقف إلى جانب طرابلس في أي مرحلة، بل كان دائماً يتحدث عن سلبياتها». ثم استدرك قائلاً: «المشكلة ليست في الإعلام بل فينا نحن»، وهو ما وافقته عليه صباح مولود، التي دعت وزارة الإعلام إلى «معالجة الفوضى». بدورها، ناشدت دولي فرح من جمعية فرح العطاء «تعميم مثل هذه اللقاءات على المناطق المجاورة لطرابلس، مثل الكورة وزغرتا حيث هناك تنوع طائفي ومذهبي».
توجيه سهام الانتقاد إلى الإعلام وتحميله المسؤولية، أثارا امتعاض الإعلاميين الحاضرين، فقال الزميل غسان ريفي إن «الإعلام لا يرمي القنابل في باب التبانة وجبل محسن. لكن هناك مدينة متوترة تبدو بلا سقف يحميها، ومن الظلم توجيه أصابع الاتهام إلينا». أضاف: «بدلاً من أن تمنعوا الإعلام من نقل الحدث، وهذه وظيفته أصلاً، لمَ لا تمنعون الناس من رفع اللافتات، أو تمنعون الجمعيات والأحزاب والسياسيين من إصدار بيانات تحضّ على المذهبية؟».
أعادت هذه المداخلة تصويب النقاش، فأكد أحمد الأيوبي من مؤسسة السكينة الإسلامية ضرورة «فتح حوار مباشر مع وسائل الإعلام، وطرح إشكالية طرابلس». من جهته، أوضح بلال دقماق من جمعية إقرأ، وأحد المشاركين في حلقة كلام الناس، أن «لا مشكلة بيننا وبين أهلنا في جبل محسن»، مشيراً في بيان أصدره لاحقاً إلى أننا «شاركنا في الحلقة من دون علمنا بمضمونها!».
في نهاية اللقاء، أعلن رئيس بلدية طرابلس تأليف لجنة متابعة لاستكمال ما توافق عليه المجتمعون، وخصوصاً لجهة رفض أي تشويه يمس بصورة المدينة. وأكد الطرابلسيون أن ما أُلصق بالمدينة من اتهامات مرتبطة بالأصولية والأرهاب إنما هو استهداف مذموم، لا يعبّر عن واقعها.


رجال الدين مسالمون

نفى رجال الدين المشاركون في لقاء مدينة طرابلس أن تكون هناك مشكلة بين منطقتي جبل محسن وباب التبانة. يقول الداعية عمر بكري إنّ «المنطقتين تمثلان نموذجاً للعيش المشترك»، عازياً التوتر فيهما إلى «التشنج السياسي المسيطر في البلاد». بكري اقترح نزع فتيل الفتنة عبر الانفتاح والتلاقي بين أبنائهما. علي الأسود من جمعية النبي البشير، أكد أن «العلويين جزء من نسيج المدينة الاجتماعي والوطني»، مشيراً إلى أنّ هناك مجهولين لهم مصلحة في نشوب اقتتال داخلي، يرمون القنابل على المنطقتين، كما أنّ هناك أياديَ خفية لا تعيش إلا على الدماء». ودعا إلى «نشر الوعي في صفوف الشباب تحديداً في المدينة لمنع انتشار الفتنة».