هي المرة الأولى التي تخلو فيها «رفوف المونة» عند فاطمة سماحة من اللوز. فتقلبات المناخ التي فتكت بالموسم هذا العام، منعت نساء البقاع من إعداد مونة اللوز التي اعتدن تحضيرها سنوياً ابتداءً من أول شهر آذار وحتى أواخر أيلول. ولمونة اللوز عند سماحة استعمالات متعددة، تمتدّ من الفترة التي تلي الإزهار، حين تكون حبات اللوز لا تزال صغيرة وطرية، حتى ما بعد موسم النضج حين تصبح يابسة وصالحة لتوضيبها زاداً للشتاء. قد يستغرب البعض فكرة جمع حبات اللوز بعد فترة الإزهار مباشرة، ويتساءل عن جدوى هذه العملية. فطبخة اللوز التي تعدّها سماحة ليست ذائعة الصيت. «هي شبيهة بيخنة البامية، وطريقة إعدادها نفس الشي تقريباً» تقول سماحة، قبل أن تشرح تلك الطريقة قائلة: «تُقطَف حبات اللوز الصغيرة، التي لا تزال حديثة النمو وطرية، ثم يعمد إلى «تدبيلها» لبعض الوقت مع قلية الزيت، ومن ثم تفرم قطع البصل وتضاف مع الثوم إلى اللحم المقطع ويقلى المزيج حتى ينضج. بعد هذه المرحلة تضاف حبات اللوز الصغيرة ومن بعدها شرحات البندورة وتترك على نار هادئة حتى تصل الطبخة إلى مرحلة النضج الكامل، فتقدم مع الأرزّ أو وحدها، وذلك بحسب الرغبة». تؤكد ربة المنزل البقاعية أن طبخة اللوز مستحدثة ويتقنها عدد من النسوة في كل من بلدتي طاريا وشمسطار، ويتناقلن طريقة إعدادها بين بعضهن، نظراً إلى نكهتها الشهية وطعمها اللذيذ الذي تتميز به.
وإذا كانت الحبات الخضراء تجمع من أجل طبخة اللوز، فإن معظم النسوة البقاعيات يجمعن القسم الأكبر منها، في هذه الفترة أيضاً لتصنيع «كبيس اللوز الأخضر»، حيث يعمدن إلى غسله وحفظه في «أوعية ضغط زجاجية» مع الماء والملح حتى لا يفقد طعمه الطازج «وكأنه بعده شي مقطوف من الشجرة» كما تقول سماحة، فضلاً عن أن البعض منهن يضفن الخل بكميات محدودة. من جهة ثانية تُجمع حبات اللوز في الفترة الممتدة بين منتصف شهر أيلول وبداية شهر تشرين الأول، وذلك بغية توضيبها في أكياس حافظة أو أوعية زجاجية، أو العمل على حفظها بعد فركها وسلقها بهدف نزع القشر عنها، لتضاف إلى مونة المكسرات الشتوية. وتشير ميساء حمية إلى أن اللوز يستعمل كثيراً لإضفاء الطعم والشكل المميزين على عدد من الطبخات التي يتقنها البقاعيون مثل كبسة الأرز سواء مع الدجاج أو اللحم، بالإضافة إلى الطعم اللافت له عند إضافته مقشوراً إلى سائر أنواع المربيات، وخصوصاً التين والمشمش والكرز والفريز، مشددة على أن «بعد إضافته، يختلف الشكل كلياً، فكيف بالطعم».
هكذا، يعدّ موسم اللوز «الخربان» هذا العام بسبب الطقس البارد خسارة حقيقية لنسوة البقاع.
رامح...