عمر نشابةالعلاقة بين وزير الداخلية والبلديات المحامي زياد بارود والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي شهدت أخيراً بعض الاضطرابات. وإذا كان الوزير قد اتخذ إجراءات على خلفية تجاوز البعض للأصول التي تقتضي توليه حصراً الشؤون السياسية في الداخلية والمديريات التي تخضع لها، فلن يخرج عن الأصول بالإعلان عنها.
بارود لا يرغب في التصعيد، ولا مشكلة شخصية لديه مع مدير وغيره من الموظفين، لكن من يحاول الحفاظ على الحدّ الأدنى من التوازن بين فريقين سياسيين متواجهين، لا يمكن أن يسكت عمّا قد يؤثّر على ذلك التوازن. فإذا فعل يفقد صفته التوافقية التي اختير بارود على أساسها لتولي حقيبة الداخلية والتي نال بعد ذلك، بفضلها، شعبية واسعة لا يتمتّع بها سائر الوزراء.
لكن على الرغم من ذلك، (أو بسببه؟) يتهم كلّ من الفريقين المتنازعين الوزير الشاب بالميل لجهة على حساب أخرى. لا عجب في ذلك، إذ إن «حاكم لبنان الإداري» يُفلت بصعوبة من الشبهة السياسية بالانحياز لفريق على حساب آخر، وذلك لكثرة المعاملات والإجراءات التي تنجزها الإدارات الخاضعة شكلياً لسلطته من جهة، وبسبب انحياز معظم المديرين العامين والضبّاط وحتى الرتباء والعسكريين لجهات سياسية وطائفية ومذهبية، من جهة ثانية.
إن الغوص في اتهام بارود بالانحياز لتيّار المستقبل أو للتيار الوطني الحرّ أو لأي فريق آخر هو بمثابة دخول في زواريب السياسة المحلية الضيقة ومضيعة للوقت. ففي المؤسسات التي تخضع شكلياً لسلطة وزير الداخلية والبلديات اليوم تداخل عجيب بين المبادئ والمصالح، وبين المهمة الرسمية والنشاط السياسي، وبين الصدق والكذب، وبين الكفاءة والشطارة. ولعلّ البحث في حلول لمشاكل السير والنظام العام والسجون والمخدّرات والكسّارات ومصلحة تسجيل السيارات أكثر نفعاً. لكن هل تضع زواريب السياسة عقبات لا يمكن تجاوزها؟