الخامسة من بعد ظهر غد الأربعاء موعد نهائي أمام القوى السياسية المؤتلفة في الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية لاختيار الرئيس التوافقي المسيحي للهيئة تطبيقاً لمبدأ المداورة. فهل تصيب الخرطوشة الأخيرة، أم أنّ الباب سيكون مفتوحاً على صيغ أخرى للحل، من بينها الاحتكام إلى اللعبة الانتخابية؟
فاتن الحاج
اتفقت القوى السياسية في الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية على «تطيير» النصاب في جلسة انتخاب رئيس مكتب الهيئة وأعضائه، أمس، بعد إخفاقها في تكريس«توافق» بدأ مع انتخاب رئاسة مجلس المندوبين واستمر مع انتخابات أعضاء الهيئة التنفيذية. هكذا، فشل الاجتماع المسائي للقوى المؤتلفة في فندق البريستول، أول من أمس، في تسمية الرئيس من بين المرشحين النقابيين الثلاثة: د. عصام خليفة، د. شربل كفوري ود. بسام الهاشم، في محاولة إضافية للتعطيل السياسي والطائفي للمؤسسة الوطنية.
والمفارقة أنّ هذا الإخفاق يأتي بعد إقرار مشروع قانون احتساب المعاش التقاعدي في مجلس الوزراء الذي كان مثار جدل في صفوف الأساتذة لكونه يضرب مصالحهم ولا يساوي بينهم.
إذاً، أطاح اتفاق البريستول الجلسة التي كانت مقررة عند الواحدة من بعد ظهر أمس لانتخاب مكتب الهيئة، ولم يحضر إلى المكان سوى الدكتور ناجي عبد الله، عضو الهيئة التنفيذية المنتخبة، والدكتورين عبد الله رزق وعباس ماجد، عضوي لائحة الأساتذة المستقلين.
أما رئيس مجلس المندوبين، د. وسيم حجازي، فراح يتلقى الاتصالات الهاتفية التي كانت تعتذر عن المشاركة في الجلسة. بدا الرجل مستاءً من نتيجة المفاوضات بين القوى السياسية، إلى درجة أنّه أعلن جدياً أنّه سيعيد انتخابات الهيئة التنفيذية إذا لم يتوصل الأفرقاء إلى الاتفاق. وقد أرجأ حجازي جلسة الانتخاب إلى الخامسة من بعد ظهر الأربعاء. ويعلّق في حديث لـ«الأخبار» على مقاطعة الجلسة بالقول: «لا وجه شبه بين انتخابات الهيئة التنفيذية وانتخابات نقابات المهن الحرة التي يتشبهون بها. ففي الانتخابات الأولى تصادر القوى السياسية رأي الأساتذة، وخصوصاً بعد الاتفاق منذ سنتين على مبدأ المداورة (مرة يكون الرئيس مسيحياً ومرة مسلماً). أما في الثانية، فينتخب جميع الأعضاء النقيب».
ويرى أنّ «الجامعة التي تتأثر بأزمة البلد تعكس أزمتها على تأليف مكتب الهيئة التنفيذية، كأننا نعيش في مسلسل أزمات لن يؤدي إلاّ إلى إخفاق الهيئة وانتظار ما تتكرم به الحكومة علينا لجهة إعطائنا بعض الحقوق الناقصة التي تصيب بعض الأساتذة وتضر بالبعض الآخر». وهنا يجدد رئيس مجلس المندوبين تأكيد موقفه من قانون احتساب المعاش التقاعدي؛ لأنّ إقراره أتى من دون علم الهيئة، ولأنه يميّز بين الأساتذة.
لكن د. عبد الله رزق (مستقل) لم يستغرب ما حصل، «فمجلس الملّة عاجز عن رؤية المخاطر المحيطة بالجامعة اللبنانية لأنّه ينطلق من توافق كاذب على الحصص لا على القضايا». ويقول: «نحن الأعضاء في مجلس المندوبين نصر على إعادة الاعتبار للديموقراطية في انتخاب الرئيس، ليس تمسكاً بأحد، بل لإعادة الحياة إلى مؤسسات الرابطة، وخصوصاً أننا مقبلون على بداية عام جامعي جديد». وبغض النظر عن تقويم المشروع التقاعدي، لا يجوز، برأي رزق، أن تكون الهيئة التنفيذية غائبة عن إقرار مطلب أساسي من مطالب أساتذة الجامعة.
وفي وقت لم يعلن فيه أي من المرشحين الثلاثة انسحابه من المعركة، أو جيّر أحدهم أصواته للآخر، يشرح بعض أعضاء الهيئة التنفيذية خلفيات التأجيل، فيتحدث رئيس قطاع التربية في تيار المستقبل د. نزيه خياط، عن محاولة لإيجاد فرصة أخيرة للاتفاق على مرشح مقبول من جميع الأطراف، وليس لديه أي نفور حزبي. ولفت الرجل إلى أنّ عمليات التشطيب التي رافقت انتخابات الهيئة التنفيذية حالت دون وصول التوافق إلى خواتيمه، نافياً أن «يكون المطلوب من مبدأ المداورة التحول إلى فدرالية طوائف، فنحن وافقنا عليها في ظرف سياسي ضاغط وللتخفيف من التشنج».

توافق الحصص عاجز عن رؤية المخاطر المحيطة بالجامعة اللبنانية
في هذا الإطار، يوضح مسؤول المكتب التربوي المركزي في حركة أمل د. حسن زين الدين أننا «نحرص على المضي في التوافق الذي بدأ مع رئاسة مجلس المندوبين وأعضاء الهيئة التنفيذية. لكن ما حصل أننا لم نصل حتى اللحظة إلى هذا الاتفاق، وأمامنا يومان فقط، وإلّا فسنرجح خيار الانتخابات». ويؤكد أن ملفات كثيرة تنتظر الهيئة العتيدة التي سيكون لها موقف من قرار مجلس الوزراء الأخير المتعلق بالمعاش التقاعدي «واللي عم يضحكوا فيه علينا».
من جهته، رأى د. شربل كفوري أنّ هناك حاجة ماسة لإنهاء مسألة الانتخابات بسرعة تمهيداً للتفرغ لقضايا الجامعة الوطنية، معلناً أنّه لن يسحب ترشيحه وباقٍ حتى النهاية.
د. بسام الهاشم هو أيضاً مستمر في الترشح لمنصب رئاسة الهيئة التنفيذية ولن ينسحب إلاّ إذا انتخب د. عصام خليفة رئيساً بالتزكية، مشيراً إلى أنّ أي تغيير في التوافق يفرض «فرط» تركيبة الهيئة. وإذا كان لا بد من المداورة فليتركوها تأخذ مجراها فلا يكرر الطرف الآخر تجربة استئثار ما سمي سابقاً «المارونية السياسية»، معلناً أننا «كتيار وطني حر، متحالفون مع الجميع، ولسنا مع الشيعة ضد السُّنة».
أما المرشح الثالث، د. عصام خليفة، الذي يبدو أنّ القوى وضعت فيتو عليه، فتحدث عن انهيار منظومة القيم الأخلاقية في الجامعة اللبنانية بعد محاولة إضعاف هيئتها النقابية، لأنّ «العصابة الحاكمة لا تريد للرابطة أن تطالب بحقوق الأساتذة وتكافح الفساد من داخل الجامعة المحمي من خارجها»، مؤكداً أنّه موجود في ساحة المواجهة لفعل ذلك، سواء أكان في موقع الرئيس أم لا، وهو يستعد لرفع دعوى على رئيس الجامعة ووزير التربية لمخالفتهما القانون بعدم إعطائه رتبة أكاديمية بعدما أقرت له بها اللجنة الأكاديمية، وليبتّ مجلس الشورى ذلك.