عمر نشابة... وبعد سنين على التدخل السياسي في المؤسسات القضائية والأمنية واستزلام بعض العاملين فيها لخدمة جهات سياسية محلية وإقليمية ودولية، انفجر الموقف مجدّداً عبر ما عدّه البعض «دعوة للعصيان».
قد لا يتناسب تبرير ذلك «الانفجار» مع إعادة بناء المؤسسات وإصلاح الخلل الذي تعاني منه، لكن لا بدّ من الإشارة الى أن لعجز الدولة عن الإصلاح نتائج وخيمة يصعب تجنّبها.
صحيح أن في الاتفاق على محاصصة المؤسسات بين الزعماء والطوائف والمذاهب والقوى السياسية سبيلاً لتسوية موسمية،
وصحيح أن في التوافق على اختيار رئيس الجمهورية ووزيري الدفاع والداخلية و«وزراء الثلث المعطّل» طريقاً الى استقرار مؤقّت،
وصحيح أن من مفاعيل التقارب السعودي السوري منعاً لتعنّت البعض وهيجان البعض الآخر، وتحويلاً لبعض الضغينة الى نقّ على أبواب قصور الرياض وفي ممرّات مكاتب الشام،
وصحيح أن التغيّرات الدولية تُحدث تبديلاً في بعض الأدوار وتفرض إعادة تركيب أعمدة الهيكل الورقي من دون أن يتوقّف الترهيب بالنار والعاصفة،
لكن كلّ ذلك يبقى كلام صالونات وتحليلاً يستحقّ سهرة تلفزيونية طويلة ونقاشاً متشعّباً في فذلكات السياسة على الطريقة اللبنانية. أما السعي «العملي» لمعالجة «الانفجار» ولتجنّب توسّعه فيتطلّب أكثر من مجرّد بحث في خلفيات الهدنة التوافقية. معالجة «الانفجار» تستدعي:
- العمل «في المقام الأول وعلى كلّ صعيد من أجل تعزيز بناء مؤسسات الدولة وتجديد الثقة بها» و«وضع برنامج عمل منسجم وواقعي يقوم على الإفادة من كلّ الإمكانات وعلى تعزيز قدرات الدولة» و«السعي لاستكمال تطوير البنية التحتية المادية والمؤسساتية والتشريعية الملائمة لمصلحة اللبنانيين جميعاً» و«تأكيد الحرص على استقلالية السلطة القضائية وتحصينها وتعزيز قدرتها».
يا لها من فضيحة، فهذه النقاط الأربع مستعارة من نصّ نال بموجبه الحكم ثقة الشعب وبقي حبراً على ورق.
فالدولة التي تآكلت المصالح الفئوية مؤسساتها الأمنية والقضائية تحصد اليوم ثمار حلولها اللفظية ووعودها الفارغة.