لن ينتظم العام الدراسي الرسمي قبل 10 أيام، أو هذا على الأقل ما يتوقعه مديرون ينصرفون إلى تسيير مدارسهم بالدفع الذاتي. فالتدريس بدأ، في وقت تستمر فيه أعمال التسجيل وامتحانات الدخول. وفوق هذا وذاك سبّب قرار إعفاء الأهالي من مساهمات سبق لهم أن دفعوها، وبدأوا باستعادتها أمس ضغطاً إضافيّاً
فاتن الحاج
لم تكتمل، أمس، الصفوف في كل المدارس والثانويات الرسمية، لكن المديرين «مشّوها بمن حضر»، عملاً بقرار وزير التربية بدء التدريس في 20 أيلول. لا يتوقع هؤلاء أن ينتظم العام الدراسي قبل بداية الشهر المقبل، وخصوصاً أنّ الوزير مدّد مهلة التسجيل حتى 11 تشرين الأول. مشهد «زحمة» الأهالي تكرر في أكثر من مكان. لكن التسجيل الذي نشط بعد عيد الفطر ليزداد الضغط تحديداً في اليومين الأخيرين اللذين سبقا اليوم الدراسي الأول، لم يكن السبب الوحيد للزحمة. بعض المديرين قرروا، أمس، تحديداً، أن يعيدوا إلى الأهالي مساهماتهم في صناديق المدارس التي كانوا قد دفعوها قبل صدور قرار الإعفاء وتسلّمهم تعميماً بذلك.
يتحدث مدير إحدى المتوسطات الذي تمنى عدم ذكر اسمه، عن إرباك رافق تأخر الإعلان عن الإعفاء، وخصوصاً أنّ بعض الأهالي كانوا يقدرون أنّ القرار سيصدر عاجلاً أو آجلاً، وهؤلاء انكفأوا عن الدفع «ودفقوا مرة واحدة». نحو 50% فقط تسجّلوا في المتوسطة حتى الآن، نصفهم في هذين اليومين، يقول المدير، أي من أصل 425 طالباً التحق 200 طالب فقط، مضيفاً إنه لو كان القرار بالإعفاء قد صدر أبكر، لكان الجميع ملتحقين اليوم. أما الآن فالباقون «سيأتون في الأيام المقبلة، بعدما علموا بالإعفاء، وعليه لن تنطلق الدراسة بصورة طبيعية قبل 10 أيام على الأقل». أما الذين سارعوا إلى تسجيل أولادهم في البداية فعادوا أمس لأخذ أموالهم. هنا تصف مديرة إحدى الروضات إقبال الأهالي بـ«الجنوني» وتضيف: «من الصبح مش عم نعمل شي إلا ترجيع مصاري الناس».
وبالمناسبة، فالإعفاء طال فقط مساهمات الأهالي الإضافية: أي 60 ألف ليرة لبنانية لرياض الأطفال والحلقتين الأولى والثانية (من الأول حتى الخامس ابتدائي) و70 ألفاً لتلامذة الحلقة الثالثة من التعليم الأساسي (المرحلة المتوسطة)، لكنّه لم يشمل رسوم التسجيل أي 20ألف ليرة لبنانية لمصلحة خزينة الدولة عن تلامذة الحلقة الثالثة، كما لم يتضمن المساهمة في صناديق مجالس
الأهل.
إلى كل ذلك، كان المدير مشغولاً بمراجعات متعلقة بتأخير تصديق الإفادات المدرسية للتلامذة الجدد، بسبب إجبار الأهالي في محافظة جبل لبنان، دون غيرها من المحافظات، على إرسالها عبر «الليبان بوست»، دون أن يلبي الأخير ما يسهّل قرار الوزير بتقديم العام الدراسي. ويقول المدير إنّه يضطر في كل عام إلى إجراء 4 امتحانات دخول لاستقبال الطلاب على خلفية أنّ امتحان الدخول هو المخرج لقبول شخص أو رفضه «لأنّو بالمدرسة الرسمية ما فينا نقول لحدا روح عالبيت ما منستقبلك، حتى لو كان مستواه التعليمي متدنياً».
هكذا، التزمت بعض المدارس في بيروت بتعميم الوزير ببدء العام الدراسي، فلازم التلامذة صفوفهم حتى نهاية الدوام. أما البعض الآخر فـ«صرفت تلامذتها» باكراً بسبب النقص في الأساتذة لعدم اكتمال عملية مناقلاتهم. قسم ثالث آثر أن يبدأ بصفوف الشهادة الثانوية والبريفيه، على أن تعود السنوات الأخرى مطلع الأسبوع
المقبل.
خارج سور المدرسة، يتهافت بعض الأهالي على «فان» كان واقفاً بمحاذاة مدرسة أولادهم. لا تفهم السبب إلى أن تقترب فتجدهم يشترون الزيّ المدرسي و«بيجامات» الرياضة المكدسة داخله كأنها بسطة. «بدلاً من أن نذهب إلى المعمل وندفع بدلات نقل. وهيهات نلاقي طلبنا، هوّي إجا لعنّا»، يقول أحد الأهالي. يبدو الرجل مرتاحاً للأسعار، فالمجموعة كلها «قميص وبنطلون وبيجامة» لا تتجاوز 50 ألف ليرة لبنانية. لكن حينما تتحدث مع الوسيط الذي يبيع «الزي» يخبرك عن المضاربات التي تحصل لجهة تلزيم البيع والاتصالات التي يتلقاها بعض المديرين من موظفين في وزارة التربية

لم يشمل الإعفاء رسوم التسجيل التي تذهب إلى خزينة الدولة
تجبرهم على القبول بهذا الوسيط أو ذاك تحت طائلة «نقل المدير إلى محافظة أخرى»، والأمر نفسه يحصل بالنسبة إلى تلزيم دكان المدرسة، الذي يتم غالباً بالتراضي ولا يخضع للقانون عبر المناقصات.
الوضع جنوباً ليس أفضل. هكذا، تشهد بلدة السكسكية في قضاء الزهراني (آمال خليل) انطلاق العام الدراسي للمرة الأولى في مدرستيها الرسميتين المتوسطة والثانوية، قبل مدرستها الخاصة. وعليه، فإن نصف الطلاب المسجلين في المدارس الرسمية حزموا حقائبهم، فيما يستأنف النصف الثاني أوائل الشهر المقبل. فالموعد المبكر الذي ضربته وزارة التربية سبب إرباكاً لدى أهالي الطلاب الذين لم يأخذ بعضهم الأمر على محمل الجد. من بينهم فاطمة يونس التي لم ترسل ابنيها الى مدرسة تبعد عن البيت أمتاراً قليلة. فالسيدة رجّحت بأن «الجد لم يبدأ بعد بانتظار اكتمال تسجيل الطلاب». كذلك عرقلت تسوية أوضاع الأساتذة المتعاقدين الذين رسبوا أو نجحوا في مباراة التثبيت الأخيرة البداية. بالنسبة إلى الناجحين فقد التحقوا بطاقم المدرسين كمتعاقدين لا كأساتذة في الملاك، أما الراسبون فقد يتم التعاقد معهم. لكن إدارات المدارس لم تتبلّغ أي إجراء بهذا الخصوص.
وفي بنت جبيل (داني الأمين) ساهم قرار تمديد التسجيل، بحسب أحد مديري الثانويات الرسمية في تباطؤ عملية التسجيل، ما جعل اليوم الأوّل من العام الدراسي متعثراً. ويقول المربي حسن حب الله إن «عدد التلامذة الرسمية يتضاءل، في وقت تعمد فيه الوزارة إلى دمج بعض المدارس المهددة بالإقفال، بينما يزداد عدد طلاب الثانويات الرسمية التي عمد بعض مديريها الى تضييق الخناق على الطلاب الجدد عبر امتحانات الدخول الصعبة».