صيدا ــ خالد الغربي كأن أي حادث اليوم في البلاد لا يؤدي بالناس إلى التفكير بشيء إلا بالهاجس الأمني الطاغي. فقد كادت النيران أمس أن تلتهم الدواليب المطاطية غير الصالحة، والملقاة بكميات كبيرة جداً لا تنفك تتنامى عند أعتاب مكب النفايات في صيدا، فقد رمى أحدهم على ما يبدو، سيجارته المشتعلة، فأشعلت بدورها كيساً من النفايات، وظلت النار «تعّس» (أي تحرق بدون لهب)، إلى أن ولعت بعدد محدود من الدواليب المتراكمة بعضها فوق بعض.
وقد سارع بعض من صادف مروره بالقرب من المكان إلى محاصرة النيران بإطفائها بمياه البحر، لذلك لم تأت النيران، لحسن الحظ، إلا على «كم» دولاب. ولو تركت النار، أو اشتعلت خلال الليل، لأتى الحريق على آلاف الدواليب المرمية ولكنا أمام كارثة بيئية حقيقية.
أحد المارة، أبو سمير الذي ساهم بإطفاء النيران المحدودة التي اندلعت بالإطارات المطاطية، قدم ما وصفه على أنه «حل أناني» للتخلص من تلك الإطارات التي يلقيها مجهولون بكميات كبيرة على أطراف المكب «دون حسيب أو رقيب». الحل قضى بالآتي "ما دامت البلاد مقبلة على احتجاجات واعتصامات كما يبدو جلياً في نشرة الأخبار، فعلى من يريد من القوى المتخاصمة قطع الطرق بالإطارات المحترقة والاحتجاج، أن يأتي إلى المكب ويأخذ الدواليب المرمية هنا بكميات مهولة واستخدامها في تلك التحركات». لكن كأنما خاف أبو سمير من الفكرة فما كان منه إلا أن «استغفر» قائلاً «يا عمي فلتبقَ الدواليب وتتكاثر، المهم ألا يصاب البلد بأية انتكاسة أمنية والله يحمي البلد». الخوف من الانتكاسة عينه جعل محمود العبد، الذي ساهم بدوره في إطفاء حريق المكب بإلقاء مياه البحر عليه، يتمنى في ظل اشتداد الأزمة اللبنانية أن ينجو لبنان من غيمة سوداء تلوح في أفقه، ومن كارثة وطنية محدقة باللبنانيين إذا ما استمر المسؤولون في التوتير والتصعيد كما يحصل حالياً حسب قوله. وطرح العبد سؤالاً «وطنياً» على حد تعبيره، قائلاً: «من يطفئ سخونة الصفيح الساخن الذي ترقص عليه البلاد؟ فالوضع في لبنان قابل للانفجار والاشتعال في أية لحظة بعدما بلغت تصريحات المسؤولين ما بلغته، وكأن لا ناس في هذا البلد يسمعون ما يقوله المسؤولون عنهم»، مستطرداً بالسؤال: «هل من إطفائية إقليمية أو دولية باستطاعتها إطفاء بداية الحريق في لبنان ومحاصرته قبل أن يحترق الجميع بنيرانه؟».