زينب صالحمنذ أيام، بدأ التسجيل في كلية العلوم، الجامعة اللبنانية. الكلية، التي غالباً ما يقصدها الطلاب لأنّها خيارهم الوحيد، إذ إنها تعفيهم من امتحانات دخول تفرضها كليات أخرى ويرسب فيها معظمهم، هي بمثابة السّهل الممتنع. فسهولة الدخول إليها هي «سيف ذو حدّين»، فرغم أنها تعفي الطالب من امتحان الدخول، إلا أن السنة الأولى فيها هي من بين أكثر السنوات الأولى صعوبة في الجامعة، ما يرهب الطلاب المتقدمين إليها.
ربى منهم. تدخل الى المجمّع، وتسأل عن اتّجاه كليّة العلوم. عندما تصل الى الكليّة «العملاقة»، كما تراها الفتاة المتخرجة حديثاً من المدرسة، تتّجه نحو المدخل الرئيسي العلوي لتتسجّل في العلوم الطّبيعية. يستقبلها طلّاب تابعون لأحزاب سياسية. يتوزعون على الطاولات بانتظار «منضمّين جدد»، يساعدونهم على ملء استمارات التسجيل للالتحاق بكليتهم.
المشهد ليس غريباً في كليّات الجامعة اللّبنانية، لكنّه بالتأكيد جديد على طلاب أنهوا المرحلة الثانوية «وما منتدخّل بالسّياسة»، كما تقول ربى. قررت الطالبة الانتساب إلى كلية العلوم لأنّها تحبّ اختصاص العلوم الطّبيعيّة، ولا تريد تكبّد أقساط الجامعات الخاصة. لكنّ الشائعات حول صعوبة هذه الكلّية دفعت بوالدتها إلى حثّها على التفكير مراراً قبل التّسجيل، «فكري منيح يا ماما قبل ما نعبّي الطّلب، حرام تعيدي السّنة»، تقول لها، فتجيبها «انشا الله رح إنجح من أوّل سنة». مخاوف الوالدة مشتركة مع أهالي الكثيرين من طلاب الكلية، ومع أبنائهم. «يقولون إن النّجاح صعب في كلية العلوم، وإن نسبة الرّسوب في السنة الأولى كبيرة»، كما يقول هادي، الذّي يحضّر أوراقه للتسجيل في اختصاص الفيزياء «لأنّي لم أوفّق في دخول كلية الهندسة في اللبنانية، ولا أستطيع تأمين نفقات الجامعات الخاصة». يطمئنه المندوب في مجلس الطلاب قائلا «إذا درست بتنجح، بس بدك تدرس كل يوم بيومه».
ريم قدمت من النبطية لتتسجل في الفرع الأول «لأن مستواه أعلى من غيره من الفروع كما قيل لي، ولأني أريد الالتحاق بكلية الطب في العام المقبل إذا وُفّقت في امتحانات الدخول هناك». تبدو الفتاة متحمسة، رغم إدراكها أنها «سأتعب كثيراً، أسمع أن العلوم تحتاج الى الكثير من الدرس والتركيز والمتابعة»، لكنها تصرّ على المحاولة مجدداً في الطب، على عكس زميلها عصام، الذي قدم من البقاع للتسجيل في العلوم لأنها «فرصتي الوحيدة لتحصيل اختصاص علمي» كما يقول. فهو يدرك مسبقاً أنه لن ينجح في كليات العلوم الأخرى التي تفرض امتحانات دخول إليها، لأن «مستواي هو دون الوسط، أريد تحصيل شهادة باختصاص علمي ولا مجال أمامي سوى العلوم».
ولأن العلوم في اللبنانية كلية صدرها رحب يضم أنواعاً عديدة من الطلاب «ذلك الذي قدم للتسلية وإضاعة الوقت، وذاك الذي لا يستطيع دخول الجامعات الخاصة ولم يوفق لدخول إحدى كليات اللبنانية» كما تشرح فاطمة، سنة ثالثة كيمياء عامة، لزملائها الجدد، يصبح عدد المنتسبين كبيراً «لا يخوّل الدكتور متابعتهم بدقة، لذا يجب على الطالب أن يعتمد على نفسه»، في انتظار «النظر في اقتراحات كان قد تقدّم بها بعض الأساتذة لتحسين مستوى الكلية، ومن ضمنها إجراء امتحانات قبول»، كما يقول لؤي، ماستر 1 فيزياء.