مشروع موازنة المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري يشير إلى ارتفاع في كلفتها لعام 2011. البعض في لبنان يعتبر أن القرار الاتهامي الذي سيصدر عن المدعي العام الدولي إعلان حرب، فهل يدفع اللبنانيون 49 بالمئة من ثمن إشعالها؟

عمر نشّابة
«يتوقّع أن الإجراءات المرتبطة بمراجعة القرار الاتهامي وتصديقه ستتمّ خلال مطلع 2011، وستتبعها إجراءات المحكمة التمهيدية التي ستستمرّ خلال القسم الأكبر من العام المقبل». ورد ذلك في تقرير رفعه منذ ثلاثة أسابيع هيرمان فون هابيل، رئيس قلم المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، إلى مجلس إدارتها في نيويورك. وتابع التقرير بالإشارة الى أن المحكمة «ستتعامل خلال 2011مع قضايا تتعلّق بشرعية اختصاصها القضائي، والقرار الاتهامي بالشكل، وربط بين القضايا الجنائية، وهي قضايا معقّدة بحسب تجارب المحاكم الأخرى». فون هابيل ذكر ذلك من أجل تبرير زيادة الإنفاق بينما يدلّ كلامه على أن المحكمة تتوقّع طرح فريق الدفاع قضية شرعية الاختصاص القضائي في جريمة 14 شباط 2005، ما سيؤدي الى إحالة المسألة على محكمة الاستئناف التابعة للمحكمة الدولية وسيزيد من كلفة الإجراءات.

زيادة 18 مليوناً

مندوب لبنان الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك السفير نواف سلام كان قد أرسل مطلع الشهر الجاري الى وزارة الخارجية في بيروت نسخة عن مشروع موازنة المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الحريري للعام المقبل. وكان مجلس إدارة المحكمة الدولية قد عقد ثلاثة اجتماعات في 30 حزيران و3 تمّوز و16 أيلول لبحث المشروع، وخصوصاً قضية زيادة نفقات المحكمة في 2011 بنسبة 33،7 بالمئة مقارنة بنفقات 2010، أي بقيمة نحو 18،6 مليون دولار (الزيادة بالتحديد بقيمة 18،627،576 دولاراً أميركياً). فبلغ مجموع نفقات المحكمة الدولية للعام المقبل نحو 73،9 مليون دولار (تحديداً: 73،975،300 دولار أميركي) يسدّد منها لبنان بحسب قرار مجلس الأمن الرقم 1757\2007 49 بالمئة أي نحو 36،2 مليون دولار (تحديداً: 36،247،897 دولاراً أميركياً).

تبرير الزيادة


مليون دولار تعويض ضريبة الدخل التي سددها الموظفون
لتبرير هذه الزيادة المليونية استبق تقرير قلم المحكمة الدولية الى مجلس إدارتها نتائج التحقيقات التي يجريها مكتب المدعي العام دنيال بلمار ليعلن أن «قسم الادعاء في مكتب المدعي العام سيكون جاهزاً للعمل في 2011 وسيتولى مجموعة إجراءات تمهيدية للمحكمة، بما في ذلك إرسال الإثباتات والمواد التي يستند إليها القرار الاتهامي إلى فريق الدفاع». لكن بلمار نفسه كان قد رفض تحديد تاريخ صدور القرار الاتهامي فسبقه فون هابيل عبر تحديد مطلع 2011 موعداً لما اعتبره بعض اللبنانيين، أبرزهم النائب سليمان فرنجية، بداية حرب.
وأعلن فون هابيل كذلك زيادة في نفقات مكتب بلمار بنسبة 35،8 بالمئة وارتفاعاً في عدد العاملين من 105 إلى 128 محقّقاً وموظفاً.

فضيحة التعويضات الضريبية

أن تبلغ كلفة سفريات موظفي مكتب المدعي العام نحو مليون ومئة وعشرين ألف دولار خلال 2011 بحسب مشروع الموازنة ليس أمراً مستغرباً، رغم وجود مكتب ثابت لفريق بلمار في بيروت، إذ إن المحققين يقومون بزيارات إلى عدد من دول المنطقة وإلى فرنسا والولايات المتحدة سعياً لتجميع معلومات تخصّ الملفّات التي يعملون فيها.
لكن الفضيحة تكمن في إحدى فقرات التقرير المالي الذي رفعه رئيس القلم بالإنابة هيرمان فون هابيل التي تشير إلى أن نفقات المحكمة للعام المقبل التي يسدّد اللبنانيون نحو نصف قيمتها ستخصّص مبلغ مليون دولار لتغطية تعويضات الموظفين الضريبية. فبحسب فون هابيل «هناك حاجة لمبلغ مليون دولار من أجل تعويض ضريبة الدخل التي سددها الموظفون والقضاة، وذلك بحسب قوانين بلادهم»، وأشار المسؤول الهولندي إلى أن مبلغ التعويضات كان يساوي 750 ألف دولار عام 2009 وسُدّد عام 2010 للموظفين والقضاة الأميركيين والكنديين دون غيرها من الجنسيات. وأنهى الرجل هذه الفقرة من تقريره بالقول إن «هذا المبلغ (مليون دولار لـ2011) قد يرتفع فعلياً».

(غداً حلقة ثانية: تفاصيل نفقات مكتب بلمار)



استقالة تاسعة!

صدر أمس عن المحكمة الدولية خبر مقتضب جداً جاء فيه: «إنّ مكتب المدعي العام يعلن أسفه لمغادرة الناطقة باسمه السيدة هنرييتا الأسود المحكمة الخاصة بلبنان لأسباب شخصية غير متوقّعة».
لنستعد سيرة الاستقالات بعد عام ونصف عام على انطلاق عمل المحكمة: نبدأ باستقالة رئيس القلم البريطاني روبن فنسنت في 21 نيسان 2009، وأحد أبرز قضاتها هاورد موريسون في 14 آب 2009، والمتحدثة باسمها الفلسطينية سوزان خان في 6 آب 2009، ورئيس المحقّقين في مكتب المدعي العام الدولي الأوسترالي من أصل مصري نيك (نجيب) كالداس في 28 شباط 2009، ورئيس القلم الأميركي دايفد تولبرت، الذي خلف فنسنت في 26 آب 2009 واستقال في 12 كانون الثاني 2010. وفي أيار 2010 استقالت المتحدثة باسم مكتب بلمار، التونسية راضية عاشوري، واستُبدلت بهنرييتا أسود، التي استقالت أمس، واستقال المستشار القانوني لبلمار برنار كوتي في حزيران 2010 واستقال كذلك رئيس مكتب التواصل والإعلام الكندي بيتر فوستر في 20 تمّوز الفائت.