أسامة القادرياستبق أهالي بلدة قاع الريم البقاعية قدوم فصل الشتاء في عزّ «الشوب»، فبدأت أصواتهم هناك ترتفع، مطالبة وزارة الأشغال العامة والنقل بإقامة جدران دعم على طول الطريق الواصلة بين قريتهم ومدينة زحلة، لحمايتهم من الانهيارات الصخرية التي تسبب كل عام مقتل بعض أبناء القرية.
كل عام، تتجدد المشكلة ومعها الخوف من الموت بصخرة قد تهوي في لحظة تخلٍ. على تلك الطريق الممتدة على طول 6 كلم، لا يمكن أن يمرّ الشتاء من دون أن يجرف معه ضحايا، قد يقتلون بهبوط صخرة أو في أحسن الأحوال قد تنقلب السيارة بهم أثناء عبورها على الطريق التي فعلت الانهيارات فعلها فيه، ولم تستطع الترميمات المتواصلة إخفاء التصدعات والخسوفات فيها. وبسبب كل هذا، عادت الطريق شبه ترابية، كأن الزفت لم يصلها أبداً، وباتت أضيق من المعتاد، وخصوصاً عند منطقة كوع «شير النحلة»، أو كوع «الموت»، بحسب الأهالي، فهو «يقع» من اليسار على حافة وادٍ سحيق، كثيراً ما هوت السيارات فيه، ومن اليمين تعلوه صخور تبدو للناظرين كأنها «معلّقة» قد تسقط في أية لحظة. كل هذا، دفع ببعض أهالي البلدة لاستبدال طريق زحلة ــــ قاع الريم بطريق حزرتا ــــ قاع الريم التي يبلغ طولها ضعف طول الطريق الأولى.
قصة الموت والانهيارات في قاع الريم قديمة العهد، إذ يروي أبو جورج التنوري، أحد كبار السن في البلدة، أن هذه الطريق تتعرض للانهيارات منذ شقّها في أربعينيات القرن الماضي. ومذاك، لم يطرأ على الطريق سوى تعديلات طفيفة، ويقول التنوري: «الطريق بعدها متل ما هي. بس بالسابق كانت أحسن شوي، كانوا يرصفوا الارض بالصخر والحجار قبل التزفيت، هلق بيحطوا السَرك (البحص) وبعدين قشرة زفت، وانو بتصير طريق».
أما ريتا رياشي التي تضطر لقطع تلك الطريق يومياً بسبب عملها في زحلة، فتحمل همّ الشتاء منذ الآن، وتقول «بالشتا ان كنت رايحة أو راجعة من الشغل، بضلني صلي حتى يحمينا الرب من شي صخرة توقع فجأة فوق راسنا». تتذكر رياشي عندما بدأت الصخور بالانهيار وسدّت الطريق وقضت يومها خارج البلدة. وتحكي كيف غيّرت الصخور المنهارة من أعلى الجبال هناك مجرى نهر البردوني بعد سقوطها فيه، والتي نجم عنها فيضان كبير الشتاء الماضي، وأدى إلى كوارث وأضرار كبيرة لحقت بكل المباني والمتنزهات في القاع وامتدت حتى وادي العرائش في زحلة. ما يزيد الطين بلة، أن الانهيارات لم تستثن شبكة المياه، فمع كل «سقطة بتنفزر (تثقب) أنابيب شبكة المي»، يقول رئيس البلدية وسام التنوري. ما يدفع البلدية للقيام بتصليح الشبكة وترميم التصدعات كلما أتيح لها الوقت .. والمال.