يفضّل بعض أصحاب المحال التجارية عدم تخصيص مواقف لسيارات زبائنهم، فيجعلون من الطرقات العامة مكاناً لركن السيارات، في مخالفة صريحة للقانون. يزداد ازدحام السير جراء ذلك، فهل تقمع القوى الأمنية هذه المخالفات
محمد نزال
يستبيح بعض أصحاب المحال التجارية الطرقات العامة، ويجعلون منها مواقف مجانية لمصلحة زبائنهم، فيأخذون مساحة سيارة وسيارتين وأحياناً ثلاث، بيحث لا يبقى للسيارات العابرة إلا ممر ضيّق، وهذا ما يؤدي إلى زحمة سير، تضاعف ما تعانيه الطرقات اللبنانية. هكذا عبّر بعض المواطنين في شكاوى وصلت إلى «الأخبار»، تحدثوا فيها عن معاناتهم جراء «الأسباب الإضافية» لازدحام السير في مختلف شوارع العاصمة، وخاصة عند خط الكورنيش البحري الممتد من منطقة عين المريسة، مروراً بالروشة، وصولاً إلى الرملة البيضاء.
المشكلة ليست جديدة، فقد سبق أن عرضتها «الأخبار» على وزير الداخلية والبلديات زياد بارود قبل أشهر، وكان ذلك في حضور المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي. التفت يومها بارود نحو ريفي وسأله عن هذا الموضوع، قبل أن يشير عليه بالتحرك لحل هذه المشكلة.
لكن، بعد مرور أشهر، لا يزال الازدحام في تلك النقاط على حاله، بل ازداد سوءاً مع تزايد أعداد السيارات في الموسم السياحي حالياً.
قبل أيام، علق الشاب علي مزنر في زحمة سير خانقة، وذلك عند التقاطع الذي يربط منطقة المنارة بمنطقة الروشة، فتبيّن أن سبب هذه الزحمة «غير المعتادة» هو ركن زبائن أحد المطاعم سيارته على الطريق العام. ترجّل علي من سيارته وسأل شرطي السير الواقف عند التقاطع عن سبب عدم قمع هذه المخالفات التي تحصل أمام عينيه، فردّ عليه الشرطي قائلاً: «ليس لدينا تعليمات بذلك، وهول ناس مدعومين». فوجئ الشاب من هذا الجواب، فمضى بطريقه ووصل إلى التقاطع الذي يربط منطقة الروشة بمنطقة الرملة البيضاء. علق هناك من جديد في زحمة السير، ومرة أخرى كان السبب هو السيارات المركونة على ثلاثة خطوط من مساحة الطريق، وذلك أمام المطاعم والمقاهي هناك.
بدوره، يشكو المواطن طارق عيسى من زحمة السير شبه اليومية التي يعلق فيها عند المساء، وذلك في منطقة طريق المطار أمام أحد الفنادق الذي يضمّ صالة أفراح. يقول طارق في شكواه: «هناك مسافة لا تتعدى كيلومتراً واحداً قبل صالة الأفراح هذه، احتاج أحياناً لاجتيازها مدّة نصف ساعة، وكل ذلك بسبب أن الفندق ربما لا يملك موقف سيارات يتسع لزبائنه، فيركن لهم سيارتهم على الطريق العام، ولكن ما ذنبي أنا حتى أختنق في العجقة يومياً».
اتصلت «الأخبار» باللواء أشرف ريفي، وسألته عمّا إذا كانت القوى الأمنية تقوم بخطوات معينة لمعالجة هذه المشكلة، وما إذا كانت تقمع هذه المخالفات الصريحة للقانون. يقرّ اللواء ريفي بصعوبة وضع السير عموماً في لبنان، وخاصة في موسم السياحة والاصطياف، لكنه يرى في المقابل أنه «لا يجب أن يتحمل المواطن نتائج مخالفات غيره، فما نعمل عليه هو أن لا نقطع أرزاق أصحاب المحال التجارية من جهة، وأن لا يدفع المواطن ثمن أخطاء لا ذنب له فيها من جهة أخرى». بعض المواطنين ذكروا أن أصحاب هذه المحال «مدعومون من جهات وشخصيات نافذة»، لكن اللواء ريفي ينفي هذه «المزاعم»، ويقول إن «الجميع في هذا الموضوع تحت القانون، لأن الطرقات في نهاية الأمر هي للمواطنين»، واعداً بإيلاء الموضوع الأهمية ومعالجة الشكاوى التي يرفعها المواطنون.
من جهته، يؤكد أمين سر تجمع «اليازا» كامل إبراهيم أن أزمة السير «سوف تزداد في لبنان أكثر، في ظل غباب تخطيط حقيقي للخروج منها، وخاصة في ظل غياب الأوتوسترادات الدائرية وعدم اعتماد المواطنين على النقل المشترك».


50 حادثاً في أسبوع

في سياق الحديث عن مشكلة السير عموماً، سجّلت تقارير أمنية وقوع نحو 50 حادث سير خلال الأسبوع الفائت، وذلك على مختلف الأراضي اللبنانية. أدّت هذه الحوادث إلى سقوط 5 قتلى، من بينهم طفلة عمرها 7 سنوات وفتى عمره 16 عاماً. كذلك أدّت إلى سقوط نحو 60 جريحاً، صُنّفت حالة عدد كبير منهم بـ«الخطرة» و«غير المستقرة» و «بالغيبوبة». وكانت شعبة العلاقات العامة في قوى الأمن الداخلي قد أصدرت جدولاً إحصائياً، ذكرت فيه أنه سُجّل وقوع 1427 حادث سير منذ بداية العام الجاري لغاية شهر حزيران، أدّت هذه الحوادث إلى سقوط 232 قتيلاً و2053 جريحاً.