سُجن في «أبو غريب» قبل سقوط بغداد، بجرم السلب. دخل الأراضي اللبنانية خلسة فذبح شابّاً لبنانياً ليسلبه قبل أن يغادر بالطريقة نفسها
رضوان مرتضى
قصد أندره مخفر قوى الأمن ليصرّح بأن شقيقه مفقود وخطّه الخلوي مقفل. تحدّث المدّعي عن وجود بقع دماء على باب شقّة شقيقه، مشيراً الى أنه لا أثر لسيّارته. قصدت دورية من قوى الأمن الشقة المذكورة فلاحظ عناصرها وجود بقع من الدماء. قُرع الجرس، لكن أحداً لم يفتح. خُلع باب الشقة فظهرت آثار دماء داخل الممر وعلى الجدران. دخل عناصر الدورية فوجدوا جثّة شاب ممددة على الأرض. كان وجهه مغطّى بقطعة من الصوف، بينما رجلاه داخل غرفة النوم ورأسه عند حافة باب الحمّام. أما يداه فكانتا مكتّفتين ناحية أعلى الصدر قرب العنق. وفي ما يتعلّق بمحتويات غرفة النوم فقد كانت مبعثرة وآثار الدماء ظاهرة عليها وفي مختلف أنحاء المنزل.
بدأت القوى الأمنية تحقيقاتها، فكُلّفت الأدلة الجنائية برفع الأدلة والبصمات. عُثر على محرمة ورقية في المطبخ قرب الشرفة، تحمل آثار بقع دماء. كذلك عثروا على كنزة من الصوف بين طبقتي المبنى ملطّخة بالدماء أيضاً. الدماء الموجودة لم تكن للضحية، فقد بيّنت التحاليل أنها تعود جميعها لشخص واحد ذكر. وقد حددت البصمة الوراثية لآثار بقع مني وُجدت على ثلاث محارم ورقية عائدة لشخص ثالث مختلف. حُدّدت أيضاً الصفة الوراثية لآثار موجودة على عقب سيجارة رُفعت من منفضة في غرفة الجلوس تبيّن أنها تعود لشخص ذكر، وهو مختلف عن المجنى عليه وعن الشخصين الآخرين. أما الطبيب الشرعي الذي كشف على الجثّة فقال إن الشاب تعرّض للذبح بعد طعنه طعنات عدّة.
تناوب المتّهمان على طعن الضحيّة حتى تأكّدا من وفاته
في سياق موازٍ، بدأت الشرطة القضائية متابعة حركة الاتصالات الصادرة والواردة على رقم الهاتف الخلوي العائد للمغدور. كذلك جرت مراقبة الجهاز الخلوي العائد له أيضاً، فتبيّن أن الجهاز المذكور اشتراه عطا الله ب. الذي أفاد بدوره بأنه اشتراه من شخص كان موجوداً داخل محل لبيع الأجهزة الخلوية في سوق صبرا. بدأت الاستقصاءات للوصول الى المصدر المسؤول عن بيع الهاتف الخلوي. في هذا الوقت، وردت معلومات الى مفرزة الضاحية الجنوبية عن وجود سيارة المغدور، حيث كانت متوقّفة في بورة ترابية جانب السفارة النيجيرية في محلة الجناح. لذلك بدأ عناصر من القوى الأمنية بمراقبة السيّارة، فأوقف دلير م. بينما كان يحاول فتح تلك السيّارة.
اعترف الموقوف بأنه تعرّف إلى شخصين عراقيين، يدعى أحدهما قاسم ج. والآخر يدعى حسن، مشيراً الى أنهما كانا قد أخبراه بأنهما ينويان سرقة شخص يدعى طوني. كان حسن قد أخبره أن الشخص المنوي سرقته هو صديق له ويقيم في جسر الباشا، ويملك مالاً وسيّارة.
ذكر الموقوف أن الاثنين أقدما على قتل طوني بهدف السرقة، مشيراً الى أن حسن كان مرتبطاً بعلاقة عاطفية مع الضحية. ولفت دلير الى أنه علم بارتكابهما الجريمة منهما شخصياً. ففي إحدى المرّات، وعند عودتهما الى المنزل، كان حسن ينزف من يده، فسأل دلير عن السبب، فرد حسن وقاسم بأنها نتيجة مشاجرة في صبرا. لكنهما أخبراه لاحقاً بأنهما نفّذا خطّتهما بسرقة طوني، لكنهما قتلاه. أما عن مكان وجودهما فقال الموقوف إنهما غادرا الأراضي اللبنانية خلسة بعد أيام من تنفيذ الجريمة. وأشار دلير الى أن أحد المتهمين العراقيين كان موقوفاً في سجن أبو غريب، قبل الاحتلال الأميركي للعراق بتهمة السرقة.
قررت محكمة الجنايات في جبل لبنان، برئاسة القاضي عبد الرحيم حمود والمستشارين راجي الهاشم ورانيا بشارة، تجريم المتهمين قاسم م. وحسن ط. بجناية المادة 549 من قانون العقوبات التي تقضي بإنزال عقوبة الإعدام بهما. وإلزام المتهمين بأن يدفعا بالتكافل والتضامن للمدّعي مبلغ ثلاثمئة مليون ليرة لبنانية. كذلك قررت عدم تجريم المتهم دلير بجناية القتل، وإنزال عقوبة الأشغال الشاقّة المؤقتة بحقّه لمدة سنتين بعد تخفيفها.