مايا ياغييجهل معظم مربي الأبقار محتويات الخلطات العلفية التي يشترونها لتغذية أبقارهم. ومنهم من يفتش عن الأصناف الأرخص، من دون مراعاة لنوعيتها. النتيجة: أمراض عديدة تصاب بها المواشي ناجمة بالدرجة الأولى عن سوء التغذية.
وتختلف المكونات الغذائية للخلطات العلفية وكمياتها بحسب أهداف المزارع. فالبقرة المخصّصة لإنتاج الحليب يجب عدم تسمينها، بينما يهدف المزارع دوماً إلى تسمين العجول المخصّصة للذبح. ويختلف أسلوب التغذية في حالات متعددة أخرى مثل فترة الحمل، وما بعد الولادة. إلا أن معظم المربين لا يراعون هذه التفاصيل فيقدمون الشعير وجبة رئيسية لحيواناتهم في جميع المراحل. نظام يعتبره الدكتور علي درويش، المتخصّص في التغذية الحيوانية، خاطئاً، لأن الشعير يمدّ الحيوان بالطاقة ولا يمدّه بحاجته من البروتين، فلا بدّ من إضافة الصويا، وهو أرخص أصناف البروتينات في السوق المحلي، إلى الغذاء الحيواني، إلا أن «المربي يهتم بخفض كلفة إنتاجه. كما لا يراعي الكمية التي ينتجها من الحليب، فيطمح لزيادة كمية الإنتاج مع أبقار يخصّصها بكمية الغذاء نفسها التي يمدّ بها الأبقار العادية، ما يسبب إصابتها ببعض الأمراض وبنقص في الفيتامينات».
عديدة هي الأمراض الناجمة عن سوء تغذية المواشي، فمن حموضة الكرش، إلى التهاب الحافر، التهاب الدرع، التسمم المعوي أو الدموي، إضافة إلى مرض جديد في المعدة بدأ ينتشر أخيراً وتستدعي إصابة الحيوان به عملية جراحية.
ويلاحظ الطبيب البيطري عماد صوان، من مؤسسة جهاد البناء الإنمائية، خلال جولاته الميدانية على المربين، أن «التغذية عند معظمهم غير مناسبة، إضافة إلى استهتار بارز في موضوع اللقاحات».
وليس المربّي وحده مسؤولاً عن الأمراض التي تفتك بماشيته. فبعدما انحسرت الزراعات العلفية انحساراً بارزاً في بلادنا بسبب شح المياه والأمطار وضيق المساحات الزراعية، وغابت زراعات البقوليات من كرسنة وفول (حيث لم نعد نزرع سوى أنواع قليلة كالفصّة والذرة العلفية)، أصبحت معظم مكوّنات العلف المتداول في السوق، الذي توضّبه شركات هادفة للربح، مستوردة. وبما أن تلك الشركات لا تهتم بختم تاريخ صلاحية هذه الخلطات العلفية على الكيس الذي يحتويها، يصبح الاحتمال عالياً بأن تكون أصناف الخلطات الموجودة في السوق، وتحديداً أنواع كسبة القطن أو كسبة الصويا، تالفة وعفنة، أو في أحسن الأحوال، فاقدة للفيتامينات التي كانت تحتويها. في هذا السياق، تجدر الإشارة إلى مبادرة بلدية عيترون التي دفعها اهتمامها بقطاع المواشي إلى افتتاح معمل لإنتاج الأعلاف من الزراعات المحلية ومن بعض المواد المستوردة، بإشراف طبيب بيطري.