محمد نزال خرجت منال (اسم مستعار) من معمل الخياطة الذي تعمل فيه ظهراً، بقصد تناول طعام الغداء. اعتادت منال أن تغادر المعمل في هذه الساعة. قبل أن تغادر المبنى الذي تشتغل فيه، فوجئت برجل يضع يده على فمها لمنعها من الصراخ، ثم يحملها إلى سفرة الدرج. ذلك الرجل رمى منال أرضاً، مزّق قميصها قبل أن يهمّ بمحاولة اغتصابها. لم يكن ليردعه شيء، لولا أنه سمع صوتاً، فقد كان أحد الجيران يفتح باباً، عندها توقف «المعتدي» خوفاً من افتضاح أمره. ابتعد عن منال سريعاً قبل أن يفرّ راكضاً إلى خارج البناء.
لم يكن المعتدي مجهولاً بالنسبة إلى منال، فهو ناطور البناء. ادّعت الفتاة عليه لدى فصيلة المصيطبة في قوى الأمن الداخلي، وذلك بتهمة الاعتداء ومحاولة الاغتصاب. باشرت القوى الأمنية تحقيقاتها، فتمكنت من توقيف محمود (اسم مستعار – 30 عاماً) غير أنه أنكر التهمة المسندة إليه. أفادت المدّعية بأنه قبل أسبوعين من الحادثة، تحرش بها الشخص نفسه بعدما كان يتودد إليها بالكلام، لكنها كانت تصدّه دائماً.
بعد مضيّ نحو شهر على توقيف محمود، أخلي سبيله بناءً على طلب قُدم إلى القاضي المعني، على أن يعود ويمثل أمام المحكمة لاحقاً. لكن المتهم لم يحضر، فحوكم بالصورة الغيابية واعتُبر فاراً من وجه العدالة.
تأيدت هذه الوقائع بالأدلة والمعطيات الواردة في ملف القضية، ومنها المحضر الذي نظمته القوى الأمنية، الرقم 1308/302 إضافة إلى المحضر المنظّم من مكتب حماية الآداب، الرقم 583/302. وبناءً عليه، ثبت للمحكمة «معاملة المتهم للمدعية بالعنف (عادت وأسقطت ادّعاءها الشخصي)، واقتيادها بدون إرادتها إلى سفرة الطبقة الثانية في البناء الذي تعمل فيه، وخلع ثيابها عنها تمهيداً لارتكاب الفعل المنافي للحشمة بالإكراه». ورأت المحكمة، بحسب ما جاء في نص الحكم الصادر، أن الأمر «لم يتحقق بسبب ظروف خارجة عن إرادة المتهم، إذ فتح أحد سكان البناء باب منزله فخاف المتهم ولاذ بالفرار».

لم يكن المعتدي مجهولاً بالنسبة إلى منال، فهو ناطور البناء
لذلك، أصدرت محكمة الجنايات في بيروت، برئاسة القاضية هيلانة اسكندر، حكماً غيابياً قضى بتجريم المتهم بمقتضى الجناية المنصوص عليها في المادة 507/201 من قانون العقوبات، وبإنزال عقوبة الأشغال الشاقة بحقه مدّة 6 سنوات، وخفضها إلى 3 سنوات. كذلك حكم عليه بتجريده من حقوقه المدنية ومنعه من التصرف بأمواله المنقولة وغير المنقولة، إضافة إلى تأكيد تنفيذ مذكرة إلقاء القبض الصادرة بحقه.
يُشار إلى أن المادة 507 عقوبات تنص على أنه «من أكره آخر بالعنف والتهديد، على مكابدة أو إجراء فعل مناف للحشمة، عوقب بالأشغال الشاقة مدّة لا تنقص عن 4 سنوات. ويكون الحد الأدنى للعقوبة 6 سنوات إذا كان المعتدى عليه لم يتم الخامسة عشرة من عمره». أما المادة 201 فتنص على أنه «إذا كانت جميع الأعمال الرامية إلى اقتراف جناية قد تمت، غير أنها لم تفض إلى مفعول، بسبب ظروف لا علاقة لها بإرادة الفاعل، أمكن خفض العقوبات». كذلك يمكن خفض العقوبات في حالات معينة حتى الثلثين، إذا حال الفاعل بمحض إرادته دون نتيجة فعله.