نجحت بلدية بريتال خلال ثلاث ولايات في تقديم تجربة ناجحة لجهة قدرتها على تنفيذ مشاريع إنمائية وخدماتية من قصر بلدية إلى ثانوية ومشروع صرف صحي عدا التعاون الدولي. لكن برغم انتسابها إلى منظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة لم تنجح بعد في الانتساب إلى اتحاد بلديات المنطقة
البقاع ــ رامح حمية
قبل أن تبدأ بورصة الترشيحات والتسميات للانتخابات البلدية والاختيارية الأخيرة، وبعد اتخاذ القرار بأن الانتخابات حاصلة لا محالة في المواعيد التي حُدّدت، اتخذت قيادتا حزب الله وحركة أمل قراراً «غير علني»، بعدم تسمية عدد من رؤساء البلديات في بعلبك ــــ الهرمل، لانتخابات 2010. الأسباب كشف عنها في حينه مسؤول حزبي رفيع في البقاع لـ«الأخبار»، وجاء في مقدّمها أن بعضاً من رؤساء بلديات المنطقة لم يتمكنوا من «خلق حالة إجماع أهلي» حولهم، بالنظر إلى عدم تنفيذهم مشاريع خدماتية وإنمائية. جرى حينها تعداد بعض البلديات، وعند الوصول إلى بلدية بريتال، لفت المسؤول الحزبي إلى أن رئيس بلديتها أنجز مشاريع تنموية وخدماتية للبلدة، مثّلت نوعاً من الإجماع الكبير عليه من الأهالي، لذلك من غير الممكن استبعاده.
ليست هذه الخصوصية الوحيدة لبلدية بريتال، بل قد يكون الأبرز أنها البلدية الوحيدة التي يحتضنها ويدعمها ابن البلدة الشيخ صبحي الطفيلي والتي يملك فيها أوسع امتداداته العائلية والدينية، كما أنها البلدة التي أعادت انتخاب عباس إسماعيل رئيساً للبلدية لولاية ثالثة، بالنظر إلى «نزاهته وإنجازاته» بحسب رأي غالبية أبنائها، فضلاً عن كونها البلدة التي تعذّر فيها التوافق الشيعي قبل الانتخابات البلدية والاختيارية الأخيرة وخلالها.
استثنيت البلدة من الدعوة إلى الانتساب لاتحاد بلديات المنطقة
يرفض رئيس بلدية بريتال عباس إسماعيل وصف البلدية بالتميّز، لأنها تقوم بالإنجازات والمشاريع، يقول «ما قدّم لأهالي البلدة على مدى السنوات الماضية ما هو إلا واجب كلّ مجلس بلدي انتخبه الناس واستأمنه على أموره العامة. فهو الإدارة المحلية الأقرب إلى همومهم وقضاياهم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتربوية، وبأنها الجهة الأولى المعنية بمشاركة المجتمع المحلي للانطلاق في عالم التنمية المستدامة»، مضيفاً أن «الناس لو وجدوا أن ثمة تقصيراً في عملنا لكان ظهر ذلك جلياً في صناديق الاقتراع».
إلا أن إسماعيل يؤكد أن نجاح بلدية بريتال جاء نتيجة «الحرية المطلقة في قراراتها»، في إشارة إلى بلديات المنطقة التي تعيش برأيه «عقلية التبعية». ورأى «أن الأخطاء التي يقعون بها تعود إلى إنجازهم المشاريع، ومن ثم السعي إلى توظيف الجميع من داخل التنظيم الذي ساعد في الحصول على المشروع، الأمر الذي يؤدي به إلى الفشل لأنه بات مقيّداً بحدود لا يمكن تجاوزها».
إسماعيل لا ينفي وجود الشيخ صبحي الطفيلي إلى جانبهم كداعم ومشرف «فهو رجل له رؤيته وابن البلدة، نعمل بإشرافه وتوجيهاته لخدمة الناس بشفافية ومناقبية بعيداً عن تدخله في تفاصيل أعمالنا».
من هنا يعرّج رئيس بلدية بريتال على تعذّر التوافق في الانتخابات البلدية الأخيرة مع حزب الله وحركة أمل، مشيراً إلى أن «مبدأ المحاصصة في العمل البلدي يؤدي طبيعياً إلى فكرة التموضع السياسي والمحسوبيات، ويجعل العمل البلدي مقيداً، وهو الأمر الذي دفعنا إلى رفض التوافق، لأن حدود عمل العضو البلدي هو بريتال فقط، وعند التصويت على قرار أو مشروع لا وجود لاعتبارات سياسية بل لمصلحة الضيعة فقط». وعلى الرغم من كل هذا يؤكد إسماعيل ألا خصومة مع حزب الله أو حركة أمل «فهم موجودون معنا في المجلس البلدي، ونملك كامل الحرية في طرق أبواب سائر الوزارات من دون أن يفرض علينا أحد أن ندخل هذه دون تلك لأن الأجواء السياسية مع وزيرها ومدرسته التي ينتمي إليها ملبدة»، مشدداً على أن واجب البلدية يقتضي أن يكون لها حصة في كل وزارة لا بد من المطالبة بها.
وتعدّ بلدة بريتال من أكبر القرى في المنطقة حيث تصل مساحتها حدود 16 كلم 2 (وحدات سكنية)، تربو مساحتها الإجمالية على 55 كلم2، ويصل عدد سكانها إلى 20000 نسمة. في عام 1998 كانت من ضمن القرى المعروفة بالحرمان المزمن لافتقارها إلى المياه والكهرباء والطرق وإلى أي مستوصف أو ثانوية، أو حتى مركز للدفاع المدني. لكن إرادة المجلس البلدي وتصميمه على تأمين هذه الخدمات دفعاه إلى المضي في مسيرة تحقيق الإنجازات، فمن القصر البلدي الذي تفردت به بلدية بريتال عن غيرها من بلديات المنطقة، والذي يعتبر واجهة أساسية وحضارية عند مدخل بريتال، ويحوي بداخله مركزاً للدفاع المدني استُحدث في عام 2005، إلى الثانوية الرسمية (الكورية) التي تمثل حلم طلاب بلدة بريتال، بالإضافة إلى مشروع الصرف الصحي واستحداث مداخل سبعة للبلدة. إلا أن أبرز إنجازات بلدية بريتال تمثل في التعاون الدولي، حيث انتسبت لمنظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة، ووُقّع عقد تعاون مع بلدية إيبنز الفرنسية ومجلس مقاطعة برشلونة الإسبانية، والهدف من ذلك بحسب إسماعيل «تبادل الخبرات وتقديم الدعم التقني والفني»، مشيراً إلى أن أبرز المشاريع التي نتجت من ذلك التعاون، «افتتاح مكتب التنمية المحلية في البلدية»، والذي يُركّز من خلاله على تقديم الدور التوعوي والإرشادي سواء للمزارع أو مربي الماشية أو النحل، فضلاً عن الطالب والدورات الثقافية والبيئية والزيارات الميدانية إلى بلديات أخرى.
أبرز المشاريع التي تفخر بها البلدية مكتب التنمية المحلية
وفي مقابل كل هذه الإنجازات تقف بلدية بريتال وكأنها معزولة في المنطقة، وخصوصاً أنها استثنيت أخيراً من الدعوة للانتساب إلى اتحاد البلديات، كما يؤكد إسماعيل، موضحاً أنهم على الرغم من تعذر التوافق إلا أننا أكدنا في أكثر من مناسبة أننا متعاونون مع أي مشروع وعمل بلدي وإن كان على مستوى المنطقة، إلا أنه «للأسف لم يعتبرونا (مديرية العمل البلدي في حزب الله) من ضمن منظومة العمل البلدي في المنطقة، حيث لم نُدعَ إلى انتخاب الاتحاد، فنحن ندعوهم فلا يحضرون، وفي المقابل لا يدعوننا على أي عمل أو مناسبة»، مشدداً على أن «جل ما اقترفناه تمثل بإخراجنا العمل البلدي من الإطار السياسي إلى الإطار الإنمائي المحض، لذلك نؤكد أننا لسنا نكرة، وأن من يعتبر نفسه حاضناً للمنطقة وحضنه لا يتسع للجميع فهو بالتأكيد ليس بحاضن».
من جهة ثانية، وفيما يعترف إسماعيل بالـ«صيت» السيئ لبريتال لجهة الفساد والسرقة..، إلا أنه يؤكد أن تاريخها لا يخلو من عناوين مضيئة منذ عام 1948 واستشهاد أبنائها إلى جانب الجيش اللبناني، مروراً بالحرب الأهلية «إذ حافظنا على أطيب العلاقات مع جيراننا من الطوائف الأخرى، وأخيراً وليس آخراً شهداؤنا في المقاومة ضد العدو الإسرائيلي (70 شهيداً)».


ليست استثناء

«أهالي بلدة بريتال هم أهلنا وأحباؤنا ولا يمكن أن نقف في وجه خياراتهم، ولا حتى بتقليص التقديمات العائدة لهم». بهذه العبارة يؤكد مصدر في مديرية العمل البلدي في حزب الله. إن الكلام عن تقليص التقديمات لبلدة بريتال، «عار من الصحة وغير دقيق»، مضيفاً أن «أي معاملة أو مطلب لأبناء البلدة نساعد في إنجازه». أما لجهة أن بلدية بريتال لم تُدعَ إلى انتخابات مجلس الاتحاد، فذلك يعود إلى كونها «غير منتسبة للاتحاد»، والقائمقام يعلم ذلك، موضحاً أن البلديات التي دُعيت هي تلك المنتسبة، وأن هناك بلديات كثيرة غير منتسبة ولم تُدعَ، ولا يقتصر الأمر على بلدية بريتال.