وضعت وزارة العدل في عهدة مجلس الوزراء مرسوماً لتنظيم مديرية السجون، يحدّد مهمّاتها وصلاحياتها وملاك الموظفين
محمد نزال
«لم تعد الغاية من السجن أن يكون قلعة منيعة وعازلة للسجين، بقدر ما أصبحت الغاية منه أن يكون مدرسة اجتماعية». هكذا لخّصت وزارة العدل الأسباب الموجبة لتنظيم مديرية السجون، وذلك في المرسوم الذي وضعه وزير العدل إبراهيم نجار في عهدة مجلس الوزراء، بانتظار وضعه على جدول الأعمال وإقراره، ليبدأ العمل بموجبه فور نشره في الجريدة الرسمية.
السجون في لبنان ليست في أحسن أحوالها، هذا ما تناوب المسؤولون المعنيون في الدولة على الاعتراف به، إذ إنّ «النظرة الحديثة إلى العقوبة المانعة من الحرية، وإلى السجن، تطورت تطوّراً جذريّاً، فلم تعد الغاية من العقوبة تقتصر على مجرد الاقتصاص من المجرم، بقدر ما أصبحت ترمي إلى إصلاحه ومعالجة انحرافه، وتأهيله لعودته عضواً سليماً في مجتمعه»، بحسب ما جاء في المرسوم المقترح من وزارة العدل.
تتولّى مديرية السجون، وهي إدارة عقابية مركزية (العقاب بهدف الإصلاح)، «إدارة السجون وتفتيشها ومراقبة سير العمل فيها، والتحقّق من تنفيذ العقوبة وفقاً للقانون». من الحالات التي يشكو منها المتابعون لقضايا السجون، هي مدّة التوقيف الاحتياطي، الذي يصبح «تعسفياً» بعد أن يتخطى المدّة المحدّدة في القانون.
التوقيف الاحتياطي يصبح «تعسفياً» بعد أن يتخطّى المدّة المحدّدة
تتولّى المديرية أيضاً، بحسب نص المرسوم، «العناية بشؤون السجناء والموقوفين الإدارية والحياتية ورعايتهم صحياً». تبدو هذه المهمة في غاية الأهمية، نظراً إلى الحالات الكثيرة التي توردها تقارير أمنية عن سجناء فارقوا الحياة، نتيجة غياب الرعاية الصحية عنهم، وقد نشرت «الأخبار» سابقاً عدداً من التقارير والتحقيقات في هذا الموضوع.
ومن المهمّات التي تقع على عاتق مديرية السجون، بحسب ما جاء في المرسوم المقترح، أنها «تحدّد نوع تخصص السجون، وتوزّع المحكوم عليهم والموقوفين في ما بينها، وكذلك نقل السجناء من سجن إلى آخر». لا تقلّ هذه المهمة أهمية عن سابقتها، إذ كثيراً ما أثارت العديد من جمعيات ومؤسسات المجتمع المدني ضرورة فصل السجناء بعضهم عن بعض، وذلك لناحية الجرم المرتكب وفقاً لدراسات وآليات معينة، وذلك لكي لا يؤثر بعضهم في بعض.
وجاء أيضاً في نص المرسوم، أن المديرية تتولى «اقتراح إصلاح السجون القائمة حالياً وتجهيزها وصيانتها، وإنشاء سجون جديدة وتجهيزها وتعديل ملاك الموظفين وجدول اللوازم». تبرز أهمية هذه المسألة إزاء الأصوات التي ارتفعت أخيراً، والتي طالبت بإيجاد حلول للاكتظاظ الهائل الذي تعانيه السجون في لبنان، حيث إنّ سجن رومية المركزي، على سبيل المثال، يضم نحو 400 سجين، فيما هو معدّ لنحو 1500 سجين.
ولأن العمل في قضايا السجون والسجناء يحتاج إلى تخصص، كان لا بد من مراعاة أن يكون المسؤولون في المديرية من ذوي الخبرة والاختصاص، ولذلك فقد ورد في نص المرسوم، أنه «يرأس مديرية السجون موظف يعيَّن بمرسوم بناءً على اقتراح وزير العدل بالاختيار، من بين الأشخاص الحائزين شهادة دكتوراه في العلوم الجنائية، أو من بين الموظفين الإداريين من الفئة الثانية الحائزين، بالإضافة إلى إجازة الحقوق، شهادة في العلوم الجنائية أو الاجتماعية». يُشار إلى أنه يمكن وزير العدل أن ينتدب أحد القضاة، للقيام بمهمّات المديرية المذكورة على أن يبقى تابعاً لسلكه القضائي.
لحظت وزارة العدل في مرسومها المقترح إلى مجلس الوزراء، ضرورة توكيل مديرية السجون وضع مسح شامل لعدد السجون القائمة في جميع المحافظات، وتحديد موقع كل منها وبيان أوضاعها العامة وإمكانات استيعابه، ومدى حاجاتها لجهة الإصلاحات والتجهيزات والمفروشات واللوازم وأعمال الصيانة، إضافةً إلى اقتراح الوسائل الآيلة إلى تحديث السجون. كذلك أُوكل إلى المديرية وضع دراسات إحصائية شاملة بشأن تطوّر عدد السجناء والموقوفين، وأنواع الجرائم المحكومين بها أو المتّهمين بها.