كان مصاباً بكسر في الجمجمة، والدم ينزف من رأسه. ممدّداً على الأرض داخل بناء مهجور، وعاجزاً عن الكلام. على هذه الحال وجدت القوى الأمنية محمد (اسم مستعار) في منطقة الأشرفية، قبل أن تصل سيارة إسعاف تابعة للدفاع المدني، وتنقله إلى المستشفى لتلقّي العلاج اللازم. هناك، أجريت له عملية جراحية، ثم استمعت القوى الأمنية إلى إفادته، غير أنه لم يُدلِ بشيء، لأنه لم «يستطع التركيز لمعرفة ما حصل معه أو لتذكّره».بعد نحو أسبوعين من الحادثة، وجّه رئيس شعبة اتصال مجلس وزراء الداخلية العرب في دمشق كتاباً إلى نظيره في بيروت، مفاده أنّ السلطات السورية أوقفت المتهم لودي (20 عاماً) بجرم سرقة، وأنه عُثر بحوزته على شيك بقيمة 10 آلاف دولار، صادر عن مصرف لبنان باسم محمد (الشخص المصاب في بيروت). وجاء في الكتاب أيضاً، أنّ الموقوف في سوريا اعترف لدى التحقيق معه بضرب محمد على رأسه بسيخ حديدي، قبل أن يسلبه الشيك المذكور، وذلك في منطقة الأشرفية ـــــ ساحة ساسين. أحيل الكتاب على مفرزة بيروت القضائية، حيث أجرت تحقيقاً «دون التوصل إلى معلومات إضافية»، بحسب ما جاء في نص الحكم الصادر أخيراً عن محكمة الجنايات في بيروت بهذه القضية. طلبت المحكمة من المتهم الحضور إلى التحقيق، إلا أنه لم يحضر، وكذلك لم يحضر إلى جلسة المحاكمة العلنية «رغم إبلاغه قرار مهل وفقاً للأصول»، فتقرّرت محاكمته غيابياً، وعُدّ فاراً من وجه العدالة. وبمتابعة المحكمة للقضية، تبيّن أنه يوجد بحق المتهم حكم قضائي سابق، كان قد قضى بإنزال عقوبة الأشغال الشاقة المؤبّدة به.
لم يُدلِ المصاب بشيء لأنه لم يكن يتذكّر ما حصل معه
وبناءً على الأدلة والمعطيات المتوافرة في ملف القضية، ومنها محضر فصيلة الأشرفية رقم 383/302 ومحضر مفرزة بيروت القضائية رقم 368/302، إضافةً إلى ما تضمّنه كتاب رئيس شعبة اتصال مجلس وزراء الداخلية العرب في دمشق، أصدرت محكمة الجنايات في بيروت، برئاسة القاضية هيلانة اسكندر، حكماً غيابياً قضى بتجريم المتهم بالجناية المنصوص عنها في المادة 638 من قانون العقوبات، وبإنزال عقوبة الأشغالة الشاقة بحقه مدّة 5 سنوات، وبتجريده من حقوقه المدنية، ومنعه من التصرف بأمواله المنقولة وغير المنقولة، إضافةً إلى التأكيد على إنفاذ مذكرة إلقاء القبض الصادرة بحقه. تجدر الإشارة إلى أن نص الحكم الصادر في بيروت، لم يتطرق إلى ما آل إليه الوضع القضائي للمتهم داخل الأراضي السورية.
يُشار إلى أن المادة 638 من قانون العقوبات، تنص على أنه يُعاقب بالأشغال الشاقة من 3 سنوات إلى 10 على السرقة، في إحدى الحالات التالية: 1 ـــــ إذا وقعت السرقة على أموال أو موجودات مؤسسة حكومية، أو أيّ مركز أو مكتب لإدارة رسمية أو هيئة عامة. 2ـــــ إذا وقعت السرقة على أموال أو موجودات مصرف أو محل للصياغة أو للصيرفة. 3 ـــــ إذا وقعت السرقة على أحد معتمدي القبض أو على أي موظف عام أو على أي مستخدم في مؤسسة خاصة، وهو يحمل مالاً للإدارة أو المؤسسة التي يعمل فيها، وكان القصد سرقة هذا المال. 4 ـــــ إذا وقعت السرقة على سيارة أو أي مركبة برية ذات محرك. 5 ـــــ بفعل شخص مقنّع أو يحمل سلاحاً ظاهراً أو خفياً، وأيضاً إذا وقعت السرقة باستعمال العنف ضدّ الأشخاص.
م . ن.