عمر نشابة«بموجب التفويض الممنوح إليه، طلب مكتب المدّعي العام (دنيال بلمار) من السلطات اللبنانية (المدّعي العام لدى محكمة التمييز) تزويده كلّ المعلومات الموجودة لدى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر اللّه».
إن طلب بلمار يتناسب مع «أرقى معايير العدالة الدوليّة»، فيفترض أن يبحث المدّعي العام عن «جميع القرائن المحتملة» ويعتمد على «الأدلّة دون سواها»، وهو ما أكّده في بيان صدر أول من أمس.
لكن لا بدّ من طرح بعض الأسئلة التي تثير الشكّ في صدقية عمله:
1ـــــ هل جمع بلمار، الذي يتمتع فريقه بالتقنيات المتطوّرة وبالدعم الدولي، معلومات عن احتمال ضلوع إسرائيل في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري قبل موعد المؤتمر الصحافي الذي عقده السيد نصر الله؟
2ـــــ إن المادة 19 من النظام الأساسي للمحكمة الخاصّة تنصّ: «تباشر المحكمة الخاصة أعمالها في موعد يحدده الأمين العام بالتشاور مع الحكومة، آخذاً في اعتباره التقدم المحرز في عمل لجنة التحقيق الدولية المستقلة» (الفقرة 2). هل باشرت المحكمة أعمالها في آذار 2009 قبل تمكّن بلمار، الذي شغل منصب رئيس لجنة التحقيق قبل تولّيه منصب المدّعي العام الدولي، من جمع معلومات عن احتمال ضلوع إسرائيل في جريمة اغتيال الرئيس الحريري؟
3ـــــ هل زار المحققون الدوليون إسرائيل كما زاروا غيرها من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بهدف جمع معلومات عن جريمة 14 شباط 2005؟ وهل يمكن أن تخفى تلك الزيارة عن الإعلام الإسرائيلي لو لم يصدر أمر بالتستّر عليها؟ ولماذا تخفي إسرائيل خبر تلك الزيارة بينما لم تُخف سوريا زيارة المحققين لها؟
بلمار يرفض الإجابة عن تلك الأسئلة بحجة أنه «لا يعلّق على مجريات التحقيق». لكنّ تلك الحجة ليست مقنعة، إذ إن طلب تزويده القرائن والمعلومات التي عرضها السيد نصر الله يعني اهتمامه بتلك القرائن والمعلومات، وهو بالتالي بمثابة تعليق على مجريات التحقيق.
مكتب المدّعي العام دعا «الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر اللّه إلى ممارسة سلطته لتسهيل عمليّة التحقيق التي يقوم بها مكتب المدّعي العام».
هل المقصود بذلك إشارة إلى عدم تسهيل السيد نصر الله «عملية التحقيق»؟ طبعاً لا. فكيف يكون ذلك هو المقصود بينما يطلب بلمار تزويده ما قدّمه السيد نصر الله من قرائن ومعلومات قد تسهم في تسهيل «عملية التحقيق»؟
لكن لماذا يدعو مكتب المدّعي العام السيد نصر الله إلى «ممارسة سلطته لتسهيل عملية التحقيق»؟ هل في الأمر إشارة إلى ما يعدّ من تجنٍّ على السيد نصر الله عبر الإشارة إلى «سلطته»، وبالتالي إلى المسؤولية الجنائية التي تترتّب عليه بعد الاتهام المحتمل لعناصر من حزب الله باغتيال الرئيس الحريري؟