هذا العام، يأتي شهر رمضان خلال صيف حرارته استثنائية. في ظروف كهذه، قد تتفاقم النتائج الصحية السلبية لسلوكيات غذائية خاطئة يتّبعها بعض الصائمين، ليس أوّلها الإكثار من الطعام، ولا آخرها غياب التوازن في نوعية الأطعمة
محمد محسن
يطلّ شهر رمضان المبارك في عزّ «آب اللهّاب» هذا العام، بعدما بدأ الكوكب يظهّر تبعات الاحتباس الحراري. وفي رمضان، غالباً ما يمارس الصائمون عادات غذائية غير سليمة، يبرّرونها بحدّة الجوع والعطش. إلا أنّ ثمّة إرشادات صحية وطبيّة بسيطة لا يوليها الصائمون اهتماماً، رغم الفائدة التي سيجنونها إن هم اتّبعوها. فمن الثابت طبياً أنّ وتيرة حرق السعرات الحرارية تنخفض أثناء الصوم، ويبدأ الاستخدام الفعّال لمخازن الطاقة في الجسم. تالياً، تقل حاجة الجسم إلى الطعام، إلّا أن كثيرين يعاندون القاعدة البيولوجية، فيكثرون من الطعام على وجبات الفطور والسحور وما بينهما. هكذا، توصي اختصّاصية التغذية فرح يونس بأن تكون «الوجبات الرمضانية متنوّعة وشاملة كل العناصر الغذائية التي يحتاج إليها الجسم، وأن يجري تناولها بتأنٍّ».
تحفل الكثير من موائد الإفطار بأصناف كثيرة، قد يؤكل منها وقد يرمى فائضها. ثمّة نصائح لا بدّ من مراعاة تطبيقها. كيف لا وهي التي تؤسس لبرنامج رمضاني صحي، يجب على الصائم، في المبدأ، أن يخرج منه مرتاحاً، كما يقول الحديث النبوي الشريف «صوموا تصحّوا». تعدّ وجبة الإفطار بديلاً من وجبة الغداء في الأيّام العاديّة، لذلك يجب أن تتكوّن من أطباق مماثلة. أول غيث الإفطار ينبغي أن يكون محتوياً على مصدر للسكّريات والماء، لذا يُنصح بكسر الصوم على حبتين من التمر وكوب من الماء الفاتر. بعد التمر والماء، يجدر بالصائم الانتقال إلى تناول الحساء وسلطة الخضار بغضّ النظر عن كونها التبّولة أو الفتوش، الذي تنصح يونس بـ«ألا يكون خبزه مقليّاً بالزيت، بل الأفضل الاعتماد على الخبز المحمّص». أمّا عن الطبق الرئيسي، فتعدّد يونس مجموعة من النصائح المرتبطة به، نظراً إلى أهميته في الوجبة الرمضانية. هكذا، يجب عدم الإكثار من الأطباق الرئيسة على المائدة، بل الالتزام بطبق واحد. وينبغي للطبق أن يكون «غنيّاً بالبروتين كاللحمة، الدجاج، السمك (يفضّل تناولها قليلة الدهن بلا جلد) والبقوليّات». أما ضرورة احتواء الطبق على البروتين، فتنبع من كونه «عنصراً أساسياً لصحّة الإنسان، ولتنظيم معظم وظائف الجسم» كما تقول يونس. كذلك تنصح اختصاصية التغذية بتجنّب المقالي، ومختلف أنواع الدهن الحيواني والدسم، لأنّ هذه الأطعمة قد تسبّب عسر هضم. أمّا النشويات، التي تكثر على المائدة الرمضاية، وخصوصاً البطاطا المقلية أو الرقاقات بالجبن، فيُنصَح بالاكتفاء بصنف واحد منها فقط.
كما أصناف الإفطار، كذلك الحلويات وخصوصاً المقلية منها. نكثر منها حتى من دون الحاجة إليها. العادات منتشرة إلى حدّ يفوق اعتبارات سلامة الجسد وتوازنه. فالحلويات الرمضانيّة تؤدّي إلى زيادة في الوزن، ولا سيّما في ظل غياب الرياضة عن البرنامج اليومي لكثير من الصائمين. هنا، تؤكّد يونس أنهّ «ليس مطلوباً الامتناع عن الحلويات، لكن ينبغي الاعتدال في تناولها، أو اللجوء إلى ما هو أفضل منها: الفاكهة المجفّفة، عصير الفاكهة، أو الفاكهة الطازجة». فبدائل الحلويات المقلية موجودة بكثرة، وفائدتها الصحية مضمونة، خلافاً لأضرار تناول الحلويات المغمّسة بالزيوت أو المحشوة بالقشدة الدسمة، بطريقة شبه يوميّة، وخصوصاً بعد الإفطارات الدسمة!
في ما يخص وجبة السحور، فإنها تعدّ بالنسبة إلى الصائمين بديلاً عن وجبة الفطور ضمن النظام الغذائي في الأيام العادية. وفضلاً عن أهميتها على مستوى الموروث الاجتماعي، فإنها تقوّي الصائم وتنشّطه، وتمنع عنه الخمول والصداع، كما أنّها تخفّف من الجوع والعطش أثناء ساعات الصوم الطويلة، لأنّها تحافظ على مستوى سكر معتدل في الدم. هكذا، تنصح يونس بـ «تناول الأطعمة الخفيفة التي نجدها عادةً على مائدة الفطور كاللبنة و الجبنة». كذلك، للتخفيف من جوع الصوم، تنصح الاختصاصية بتناول النشويات البطيئة والغنيّة بالألياف، كالخبز والتوست الأسمر، الخضار، الفواكه، أو البقوليّات. لكن يفضّل زيادة كميّة الألياف تدريجيّاً كي لا تسبّب أية نفخة أو غازات. وللحفاظ على الوزن خلال شهر الصوم، يُنصَح بتجنّب وجبات السحور الثقيلة التي ترتكز على المعجّنات كالمناقيش، المقالي أو حتى الوجبات السريعة التي يعتمدها البعض. وبين كل تلك الفترات، وخصوصاً في الصوم الصيفي، يجدر التوقف عند الماء والسوائل. ربما هي أهم العناصر المطلوبة في شهر رمضان لهذا العام. لذلك، تنصح اختصاصية التغذية بتناول من 6 إلى 8 أكواب من السوائل. وهذه السوائل تشمل: الماء، العصير، الليموناضة، الزهورات، اليانسون، اللبن، وغيرها.