في خطوة جديدة من نوعها، قرر الوزير سليم وردة، على غفلة، زيارة حفريات الإنقاذ في وسط بيروت والتأكد بنفسه من مجريات العمل ورؤية المكتشفات الأثرية
جوان فرشخ بجالي
قام وزير الثقافة سليم وردة، يرافقه المستشار المهندس فريدريك الحسيني وفريق من المديرية العامة للآثار، بجولة ميدانية في وسط بيروت، متفقداً المواقع التي تجرى فيها حفريات الإنقاذ، وللاطلاع على سير تطبيق القرارات التي تلزم أصحاب الورش في هذه المواقع بتنفيذها للمحافظة على الآثار الموجودة فيها. استمع الوزير وردة خلال جولته إلى شرح مفصل عن عمل الأثريين من الدكتور أسعد سيف المشرف على الحفريات والأبحاث الأثرية في المديرية العامة للآثار.
وإذ اطلع وردة على عمل الفرق في المواقع والمواكبة لعمليات الحفر بإشراف مباشر من المديرية، اعتبر أن القيام بالجولة الميدانية في وسط بيروت هو للتأكد من تطابق الواقع مع ما يصل إلينا من دراسات وتقارير تؤكد تنفيذ الشروط الموضوعة والمطلوبة للحفاظ على المكتشفات والمواقع الأثرية. وبالفعل ما وجدناه في هذا الموقع يتطابق تماماً مع ما نريده من حماية أثرية، لا سيما أن أصحاب العقار ومن يشرف على تنفيذ البناء، يتجاوب مع الشروط الموضوعة لجهة إتمام الحفريات قبل إقامة بناء جديد، أو لجهة ترميم ما وجد من آثار والمحافظة عليه داخل الموقع». وحينما زار الوزير الموقع الروماني المكتشف حديثاً في وسط بيروت توقّف مليّاً عند قطعة الفسيفساء ومدخل المبنى اللذين اكتُشفا أخيراً. وأكد السعي إلى «المحافظة على هذا القسم من المبنى، ويجب ألا تُرفع هذه الآثار الرائعة من مكانها». وكشف وردة لـ«الأخبار» في اتصال هاتفي أن «العمل سيجري على أساس المحافظة على القطع في موقعها». والمعترف به عالمياً، أن المحافظة على الآثار في موقعها هي ضمان أصالتها وأفضل طريقة للمحافظة عليها، ولكن حتى اليوم في بيروت لم يبقَ أي أثر في موقعه، لذا فبين طلب الوزير وموافقة أصحاب العقار على تغيير خرائط المبنى المقرر طريق طويلة وشائكة. ولكن إذا نجح وردة في تطبيق القرار يكون قد سجل سابقة لم تعرفها بيروت حتى اليوم.
حتى اليوم في بيروت لم يبقَ أي أثر في موقعه، لذا الطريق طويلة وشائكة
وقال وردة خلال زيارته إنّ «الآثار التي يُعثر عليها في وسط بيروت تعود إلى ما يقارب 2000 سنة أو أقل وربما أكثر، وما نسعى إليه هو المحافظة على هذه الثروة الحقيقية، وليس بعيداً من هنا سنشيد متحف بيروت في وسط العاصمة ليكون جامعاً الآثار التي نجدها خلال الحفريات».
ثم انتقل الوزير وردة والوفد المرافق إلى المواقع الأخرى حيث الحفريات جارية بالتعاون مع أثريين من المديرية العامة للآثار، حيث أثنى على عملهم ومثابرتهم لمتابعتهم اليومية وجهودهم ذات الحرفية العالية، مؤكداً أن مجهودهم مقدّر عالياً في ظل عدد ضئيل من الأثريين وورش كثيرة. والمواقع التي زارها وردة يُعمل فيها منذ شهور، وقد كشفت الفرق العاملة على الأرض، بإشراف المديرية العامة للآثار، على مبان أثرية تعود إلى فترات مختلفة.
ففي منطقة التل الأثري، رأى وردة الكمّ الهائل من الطبقات الأثرية التي تُبرز تاريخ العاصمة من الفترة البيزنطية حتى الفينيقية. وفي الموقع المقابل للسفارات، كان على موعد مع تقنيات جر المياه التي تعود إلى الفترة الرومانية، ثم إلى المبنى الروماني الضخم المكتشف حديثاً. ورأى وردة أن هذه الآثار بمثابة «ثروة حقيقية، وأكثر ما نسعى إليه هو المحافظة عليها. لذا سيشيد بالقرب من هنا متحف يحفظ ويجمع كل الآثار المكتشفة خلال الحفريات».
ولأن موضوع الآثار والتراث لا يتوقف على المواقع الأثرية، توجّه وردة في نهاية زيارته إلى قصر الشاعر بشارة الخوري في البسطة، وقام بزيارة تفصيلية للمبنى المهم جداً هندسياً، لدرجة أنه أُدخل في الجرد العام.