علي قعفرانيشجرة العديسة كانت أمر اليوم لمناسبة عيد الجيش لهذه السنة، أعلنه العماد جان قهوجي، موضحاً أن الخيارات ما زالت مفتوحة أمام الجيش. فهو يملك الأرض والقرار والمبادرة إن لزم الأمر. الرصاصات التي أطلقها جنوده الشجعان، على قلّتها وتواضع فعاليتها، كانت كفيلة برفع معنويات الشعب الصامد على تخوم الجبهة الوحيدة التي ما فتئت تحفظ ماء وجه العرب جميعاً بتضحيات أبنائها وبسالتهم. صورة الجنود الأبطال الذين التحفوا فيء العراء، من دون الاختباء وراء تحصينات غير موجودة أصلاً، وهم يصوّبون فوهات بنادقهم نحو جنود الاحتلال، غير مكترثين للفرق الشاسع في العتاد، تلك الصورة ستصمد طويلاً في ذاكرة اللبنانيّين والإسرائيليين على حد سواء، اللبنانيّين الذين يأملون أن تكون تلك الحادثة هي استراتيجية الجيش لا مجرد سوء تفاهم عابر. أمّا المستوطنون، فتراهم الآن يدعون ألا يتحول الجيش إلى مقاومة أصيلة تكون المقاومة الشعبية بجهوزيتها الكاملة تحت تصرّفها.

تلك الصورة ستصمد طويلاً في ذاكرة اللبنانيين والإسرائيليين على حدّ سواء
الجيش الذي رأى كثيرون، وعلى رأسهم إسرائيل، أنه سيكون شبيهاً بجيش لبنان الجنوبي، لا سمح الله، حامياً لحدودها متقاتلاً مع أبناء شعبه المقاومين، تحوّل في تلك القرية العزيزة حريصاً على الشجر قبل البشر. هكذا يقول الإعلام الإسرائيلي. هم الآن يعيدون حساباتهم في إنجازاتهم المفترضة بعد حرب تموز. لأن ذهاب الجيش إلى الجنوب بات في الحسابات الميدانية بمثابة الحمل الثقيل على إسرائيل، وسنداً واضحاً للمقاومة، على عكس ما صوّره قادة جيش الاحتلال لمستوطنيهم، بأن الإنجاز الأبرز لتلك الحرب كان في ذهاب الجيش إلى الجنوب. إذاً ما حدث في تموز، هو نصر للمقاومة اللبنانية، هل يمكن الشك في ذلك بعد الآن؟
ما يدور في الكيان الصهيوني عن تلك الحادثة يدل على عدم قدرتهم على تصديق الأمر. يتساءلون، هل ما زال هناك من الجيوش العربية من يملك الجرأة والشجاعة للرد على استفزاز اعتاد جيش العدو استسهال القيام به في أي مكان أو زمان هو وحده من يحددهما. شجرة في العديسة تجره الى مواجهة أقل ما يقال فيها إنها أفقدته صوابه، وما بقي لديه من هيبة بعد سلسلة الهزائم التي كبدته إياها المقاومة اللبنانية. بطبيعة الحال، لم يكن يحتاج إلى تلك النكسة في وقت يسعى فيه جهده إلى ترميم الحالة النفسية والإحباط الذي أصاب جنوده بعد عدوان تموز!