لم يحدد مشوار «شوي شوي عالمي» نهاية لورشات العمل، التي أطلقتها جمعية «نقطة فاصلة» الشبابية. كانت البداية في كفرصير، ثم انتقلت إلى قرى عيترون وبنت جبيل وزفتا، لتستقر أخيراً في القليلة. محطات عديدة لاقت استجابة واضحة جنوباً
مايا ياغي
بدأت فكرة ترشيد استعمال المياه مع انطلاقة جمعية «نقطة فاصلة»، وكانت من الأهداف الأولى، نظراً إلى ما تعانيه بلدات الجنوب من شحّ كبير، حتى في مياه الشرب. هكذا، اختارت الجمعية اسمها. قررت المضي في ورش عمل عدّة، لتغيير نظرة الشباب إلى أهمية نقطة الماء، والعمل على المحافظة عليها، من خلال العمل والتوجيه، ضمن برنامج موّلته جمعية « gvc» الإيطالية، من خلال سلسلة برامجها التي تهتم بالمحافظة على المياه.
يطغى جانب المسابقات والتحدي على أجواء ورشة العمل. وفي المناطق التي مرّ بها المشروع، برنامج موّحد: مسابقة للجلي، مسابقة للحلاقة ومسابقة لتنظيف الأسنان، وجميعها، باستعمال أقل كمية مياه ممكنة. هنا، يكمن التحدي، فقطرة الماء لها قيمتها والخزان المستعمل مرقّم بوحدة قياس دقيقة، إذ يمكن أن يسمح لنقطة ماء أن تكون النقطة الفاصلة بين الربح والخسارة. لاقت الفكرة قبولاً بارزاً لدى الأطفال والمراهقين والشباب، فمسألة الترشيد في استخدام الماء وإن لم تكن عادية بالنسبة إليهم، بدأت كخطوة أولى لمعظمهم. فرح صالح، من بنت جبيل، التي فازت بتحدي «الجلي» تؤكد أن «هذه التجربة الصغيرة هي خطوة البداية في مشوار الألف ميل». وللمناسبة، صودف يوم النشاط في بنت جبيل مع حادثة العديسة، فلم يكن يوماً سهلاً. وتقول ريمان ريحان من مؤسسي الجمعية: «عشنا جميعنا لحظات الخطر، وكانت الاتصالات تنهال كالمطر من الأهالي والأصدقاء للاطمئنان علينا، بينما كانت الأمور طبيعية عندنا».
وُزّعت على الأطفال والشباب المشاركين اللاصقات والقبعات والسترات، التي كتب عليها شعار البرنامج «شوي شوي عالمي». حتى الآن لم يقفل هذا المشروع أبوابه، وما زالت ورشات العمل مفتوحة أمام اقتراح أي بلدة للتعاون مع الجمعية، التي لم تتأخر حتى للمشاركة في زراعة حديقة عامة في طرابلس، ضمن نشاط بيئي نظمته «جمعية البيوند الشبابية»، وكانت رحلة لافتة تجمع شباباً من مختلف الطوائف والمناطق اللبنانية، وزرع كل شاب شجرة تحمل اسمه في هذه الحديقة، كذلك سجّلت الجمعية العديد من المشاريع السابقة في المدارس والبلدات الجنوبية، بحضور شبابي يختلف من قرية إلى أخرى، حيث سجلت مشاركة 360 شاباً دون الواحد والعشرين من العمر، في مشروع «شباب اليوم قادة الغدّ» الذي أنتج بلدية ظل شبابية في بلدة زفتا. هناك، بعد أجواء تنافسية واضحة، فاز برنامج يُعنى بتجميل مداخل البلدة. أما في بلدة حومين الفوقا، فانطلقت حملة تنظيف واسعة، وُزّعت خلالها المستوعبات البلاستيكية على المنازل، وأقيمت حملات توعية بشأن عمليات فرز النفايات من البيوت. وليكتمل النشاط البيئي في البلدة، انطلقت حملة تشجير واسعة، شملت معظم أحيائها وحاراتها، ما أثار إعجاب الأهالي وتقديرهم لجهود الشباب وشكرهم لهم. حسن بلوط، أحد أبناء البلدة، علّق على النشاط قائلاً: «هؤلاء الشباب لا يحتاجون إلا إلى تذكير مستمر، ويجب توجيه همّتهم ونشاطهم لمشاريع كهذه»، مثنياً على النشاطات.
وفي مدينة النبطية، أقيمت العديد من الندوات والنقاشات بالتعاون مع الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية ـــــ لا فساد (LTA)، لمناقشة الأولويات والتوصيات التي وردت ضمن دراسة نظام النزاهة الوطني التي أصدرتها في تشرين الثاني 2009. مشاريع كثيرة تنتظر الانطلاقة، كان أساسها ستة شبان وصبية، جميعهم من الجنوب، ناشطون في المجتمع المدني، لكنّ أعمالهم تبعثرت بين الجمعيات، حتى قرر الشبان تأسيس جمعية خاصة. ويقول هاشم

هذه التجربة الصغيرة هي خطوة البداية في مشوار الألف ميل
بدر الدين رئيس الجمعية: «قررنا تأسيس جمعية تحمل أفكارنا ومشاريعنا وتكون الناطق الرسمي باسم كل ما نعمل عليه من مشاريع تنموية في قرى الجنوب، التي تحتاج إلى الكثير من الجمعيات الشبابية التي تُعنى بالعمل التنموي لإعادة الحياة إليها مجدداً». وفي الإطار ذاته، تعمل ريمان ريحان، الفتاة الوحيدة في الجمعية، على توسيع نطاق مشاركة الفتاة الجنوبية في العمل التنموي. يهمها كثيراً انضمام أكبر نسبة من فئة الفتيات للمشاركة في نشاطات الجمعية. أما عباس هاشم، أحد الناشطين، فيقوّم النتيجة التي يحصلون عليها في برامجهم بالممتازة. والدليل؟ «الحضور الكبير والمشاركة الفعّالة من قبل الشباب»، مؤكداً أن «هذه الطاقة البشرية في الجنوب يجب تحريكها واستثمارها في العمل التنموي الجماعي، حيث يطلب معظمُ المشاركين في النشاطات الانتساب إلى جمعيتنا».
اللافت في «نقطة فاصلة» هو أنها جمعية شابة. في الجمعيات الأخرى، تكون الهيئات الإدارية هرمة غالباً. الشباب الجنوبي مدعوّ دائماً إلى تنظيم مجالات عمله في المجتمع. لكن يبقى السؤال عن مدى قدرة هؤلاء على الحصول على داعم ومموّل لضمان استمرارية مشاريعهم. الإجابة صعبة حتى الآن، نشاط الجمعية الشابة يلقى ترحيباً محلياً متواضعاً، إضافة إلى الملاحظات الإيجابية على الفايسبوك، مجموعة «Nokta Fasle ». هناك، يمكن أن تجد مديحاً للجمعية، والأهم من ذلك، هناك اهتمام شبابيّ جديّ بمناقشة قضاية متعلقة بالبيئة.