مؤتمران صحافيان تربويان في وقت واحد. الأول أعلن خلاله وزير التربية حسن منيمنة قراراً «جراحياً» بدمج 81 مدرسة وثانوية متعثرة، في خطوة «إصلاحية» بعيداً عن وقع المداخلات السياسية والحيثيات المناطقية. أما الثاني فعقده اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة للمطالبة بمستحقات المدارس المجانية
فاتن الحاج ـــ محمد محسن
هل رفع السياسيون الغطاء عن بعض المدارس الرسمية المتعثرة ليقرّر وزير التربية حسن منيمنة دمج 78 مدرسة وجمع 3 ثانويات، ابتداءً من العام الدراسي المقبل؟ الوزير، على الأقل، يضع الخطوة في إطار الخطة الخمسية لتطوير التعليم العام. وينفي منيمنة، في مؤتمر صحافي عقده أمس، أن يكون القرار قد انطلق من حسابات سياسية، «فالمدارس منتشرة في المناطق كلها، من بيروت وصولاً إلى أبعد القرى في لبنان».
ماذا في تفاصيل الدمج؟ يشرح وزير التربية أنّ 76% من المدارس المتعثرة تضم أقل من 22 طالباً، وهناك الكثير من هذه المدارس لا يضمّ الصف الواحد فيها سوى طالب واحد.
هكذا، أعلن منيمنة نقل 68 مدرسة رسمية متعثرة ودمجها في مدارس أخرى قريبة جغرافياً، ودمج 10 مدارس لأسباب مرتبطة بوضع المباني المدرسية، فيصبح المجموع 78 مدرسة، إضافة إلى جمع 3 ثانويات متعثرة.
وقد اعتمد القرار على دمج المدارس التي تضم ما يقل عن 50 تلميذاً كمرحلة أولى، على الرغم من أن القانون يقضي بعدم فتح مدرسة لا يتوافر لها 75 تلميذاً، ولو اعتمد نص القانون لنقل ودمج ما يزيد على 200 مدرسة رسمية!.
ومع ذلك، فالمدارس ليست متعثرة بأعداد طلابها وحسب، بل أيضاً بسوء توزيع معلميها، وبالتالي فإنّ إعادة توزيع المعلمين من دون نقل التلامذة لا يؤدي، بحسب منيمنة، الهدف التربوي المطلوب، وهو إيجاد بيئة تعليمية مناسبة.
هنا، وعد منيمنة بتوفير فرص تعليمية ملائمة لـ2500 تلميذ يدرسون في المدارس، موضوع النقل والدمج، مؤكداً أنّه سيتحقق وفر في عدد الأساتذة يبلغ 679 أستاذاً في الملاك ونحو 100 متعاقد، إضافة إلى توفير مئات ملايين الليرات التي تنفق على المباني المستأجرة.
في المقابل، يعرب الوزير عن ارتياحه لتخصيص اعتمادات لنقل التلامذة من المناطق النائية إلى المدارس الجديدة، وهو أمر يحصل للمرة الأولى في تاريخ الوزارة. لكن ما حجز في مشروع موازنة 2010، أي 500 مليون ليرة لبنانية، يثير شكوك بعض التربويين، وخصوصاً إذا كان النقل سيكلّف أكثر من تكاليف المدارس نفسها قبل الدمج. ومِن هؤلاء مَن يضع علامة استفهام على الدمج نفسه. فهو على أهميته في بعض الأماكن، قد لا ينفع في أماكن أخرى، وخصوصاً أنّ نقل تلامذة الروضات من الأحياء غير إنساني ودمج تلامذة الحلقة الأولى في الحلقتين الثانية والثالثة غير تربوي.
سئل الوزير عمّا إذا كانت هناك مدارس متعثرة أخرى؟ هي خطوة أولى، يقول، ستشجع مديري المدارس على الاهتمام أكثر بمدارسهم لجذب الطلاب.
لكن من المسؤول عن حالة الفوضى التي وصلت إليها هذه المدارس؟ يجيب: «الزمن، ظروف البلد وحالة الاضطراب الدائم التي يعيشها والأوضاع الأمنية التي اضطرت المعلمين إلى الانتقال إلى مدارس أخرى». وإذ لم يخفِ هنا دور المداخلات السياسية، دعا الوزير المتفائل إلى التطلع إلى المستقبل وجعل التعليم الرسمي ينافس التعليم الخاص.
ورداً على سؤال لـ«الأخبار» بشأن المؤتمر الصحافي الذي كان اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة يعقده في الوقت نفسه في نقابة الصحافة للمطالبة بمستحقات المدارس المجانية، علّق الوزير قائلاً: «لقد سرّعنا توفير مستحقات المدارس المجانية حتى 2006 ـــــ 2007، وبدأنا الإعداد لمستحقات 2007 ـــــ 2008 حيث أرسلت كتاباً خطياً إلى مجموعة من المدارس التي لم تستكمل أوراقها، وننتظر ذلك»، أما القبض فعائد إلى وزارة المال.
في نقابة الصحافة، كان الاتحاد يدقّ ناقوس الخطر بشأن 378 مدرسة خاصة مجانية، تضم 140 ألف تلميذ، و6 آلاف موظف، لجهة تردّي أوضاعها المادية والقوانين التي تنظّم عملها.

500 مليون ليرة لتغطية تكاليف النقل إلى المدارس الجديدة سنوياً!
الأمين العام للمدارس الكاثوليكية الأب مروان تابت تناول وضع المدارس الخاصة المجانية التي «تعيش اليوم هاجس الإقفال جرّاء القوانين والأنظمة التي لم تراع أوضاعها ولا إمكانياتها المتواضعة». وعزا تابت سبب المعاناة إلى «التأخر في دفع المستحقات للسنوات الثلاث الماضية على الأقل».
أما الأمين العام لنقابة المعلمين في المدارس الخاصة جمال حسامي، فأشار إلى «أركان محددين في هذه الدولة، يشددون الخناق على عنق المدرسة الخاصة المجانية لإقفالها»، لافتاً إلى أننا «سنسمّيهم بعد عيد الفطر».
وتحدث عن 18 مستنداً تطلبها وزارة التربية من المدارس الخاصة المجانية، متسائلاً عمّا إذا كانت تطلبها من المدارس الخاصة غير المجانية، واصفاً من جهة ثانية زيارات لجان التدقيق بالعمل البوليسي. وعرض مراحل التدقيق، التي تبدأ بسجل القيد العام للتلاميذ، وسجلات الرواتب، واجتماع مع كل معلم على انفراد لسؤاله عن راتبه والتدقيق في ما إذا كانت المدرسة قد صرّحت بما يتطابق مع إجابات المعلم. أخطر ما جاء في حديثه هو الإشارة إلى «عدم قدرة المدارس على الاستمرار في ظل تأخّر الدولة في دفع المنح المقررة لها المتراكمة منذ عام 2004 ـــــ 2005».
وطالب حسامي باسم نقابة المعلّمين بتعديل المادة 3 من قانون 15 حزيران 1956 لزيادة المساهمة المالية للدولة مع كل زيادة تطرأ على الأجور، لا كلما ارتفع الحد الأدنى. كذلك، طالبت النقابة بتنفيذ المرسوم الرقم 2359 الصادر عام 1967 والمتعلق بدفع مساهمة الدولة السنوية على دفعتين، الأولى في شباط والثانية في تموز من السنة ذاتها.