علي قعفراني إذا كانت الحرب الأهلية هي «سفقة هوا»، بحسب زياد الرحباني، فبماذا يمكننا وصف السنوات الخمس الفائتة؟ مزحة مثلاً؟ أم نكتة عن «حشاشين» خَطَرَ ببالهم شفير الهاوية فوَلَجوا لزيارته؟ هي بالتأكيد مزحة. لأن تقسيم لبنان إلى شوارع متواجهة، شوارع «روحة بلا رجعة» هي مزحة. وأن تتأكد من خلوّ سيارتك من أية صورة لأي زعيم قبل أن تغامر فتدخل بالشارع الخطأ، ما يؤدي إلى «اللعب بروزنامة حياتك»... مزحة أيضاً.
وأن تضطر إلى تعلُّم كل اللهجات المحليّة وحفظ الأناشيد «الوطنية» للأحزاب كلّها مع مراعاة دقيقة للألوان الحزبية لتمرَّ بسلام من حي إلى آخر بسبب انتشار حواجز «المحبة الوطنية»... الأمر مزحة. وأن تمضي وقتك تتحزّر أين سيقع الانفجار المقبل لتسلك الشارع الرديف، فهذا ربما يعدّ مقطعاً من فيلم لبناني عن الأشباح، ما يعني أنه بالتأكيد مزحة. وأن يعود الشعب اللبناني في الجهات الأربع من «بلاد الأرز» إلى العصر القبلي في أي مناسبة انتخابيّة، هو مزحة. وطبعاً، شلّ البلد لمناسبة اكتشاف «فجائي» للجهاز الأمني اللبناني ــــ السوري العميل ومحاكمة أربعة ضباط اتهموا باغتيال الرئيس الحريري وحبسهم احتياطياً على وقع نشيد ثوري.. هو مزحة.
حرب تموز الإسرائيلية على لبنان، التي طال أمدها على أمل استثمار الانقسام الداخلي... هي مزحة أيضاً. وما ينقصنا فعلاً اليوم هو قرار يتهم لبنان بمحاولة قتل نفسه. ولأن المحاولة فشلت وإسرائيل جاهزة الآن، فهذه فرصةٌ جديدة أمامنا. قرارٌ ظنَّ فيه كلُّ الناس قبل المحكمة. وصل لغابي أشكينازي عن طريق الصدفة جرّاء الخطابات المتكررة التي خلطت بين الجار والعدو. أما ما حدث إبان السنوات الخمس الفائتة فكان عبارة عن «بروفة» للحرب الأهلية الراجعة إلينا كما الحقيقة، بإذن المجتمع الدولي، ذاك الذي اجتمع ضد كل من يفكر برفع رأسه بوجه المنتصرين في الحروب العالمية.
على الرعب والجعة يا أوادم! لأن بعد هذا الظن حرباً. تلك ليست بمزحة!