سمير يوسفبمعادلة شبه مقبولة نقول إنّنا نعيش نصف العمر وننام نصفه، مع أنّ هناك من الناس من ينام أكثر وهناك من يغمض عينيْه أقلّ. ربّما نتزوّج في نصف نصفه المستيقظ ونأكل ونعمل ونلعب ونقع ضحايا أو نتحوّل إلى جلادين في نصفه الثاني المستيقظ أيضاً.
يغار النوم من أننا الطلق والواعي ويسعى جاهداً لأن يردّنا إلى تحت جناحيْه، يسعى أن يظلّلنا بشمسيّة أرقه، أو بالعكس، أن يسحبنا كالبرق إلى أعماقه. متى نكون والنوم متصالحين؟ نسلّمه عند عتبة السرير أوراق ثبوتيتنا وهويّاتنا على أنّه حاجز التفتيش الأخير قبل الغوص في بطانيّاتنا، هكذا في عزّ هدوئنا وخدَرنا يرحبّ بنا مسلّحاً كعادته، يكرّمنا خلال مدّة إقامتنا بحضور الزوجة الثانية، وقزم الأحلام والهلوسات السيرياليّة والمراجعات، يفتح لنا باب الحياة التي لا نزورها كثيراً، يشقّ لنا طريقاً قديمة إلى المنزل، طريقٌ نمت فيها نباتات بريّة شائكة بعدما هجرناها منذ سنوات. ما قيمة الأحلام، كلّ الأحلام، لو أنّها تحقّقت؟ يكرمنا النوم إذاً ويرمينا بدون عنف في دائرة الفانتازيا، يقول لنا طوال الليل إنه ليس في طبيعته ولا في قانونه ساعة أو وقت، يغرينا، يخبرنا أن الميت الذي أدركناه ميتاً في يقظتنا يفتح باب قبره ويخرج منه ليتمشّى معنا. يعدنا النوم بأن يكون لطيفاً وكريماً إذا ما قصدناه مهادنين، أن يعرض لنا ما لا توفّره حياتنا الأخرى من سحر وخيال وشهوة. لكن يا ترى ماذا يريد في المقابل؟ لعلّه يريد أن نسلّمه أجسادنا.
لكن بعد هذا كلّه، نستفيق، وفي الدقائق العشر الأولى نكون لا نزال بين هنا وهناك، عيوننا واسعة وسع هول الذكرى التي راودناها وأصرّ على أننا نحن الذين راودناها وليس العكس، نتمشى حفاة صوب مطبخنا لتحضير الفنجان، نشرب القهوة ونقول: على كلّ حال، لا ضير أن تستيقظ المرأة المدفونة في ذاكرة الجسد، لا ضيرَ أن ترافقني بينَ الناس ما دام هذا كان حلماً. لا ضير أبداً لو كنّا زوجيْن في كون
النوم.