رامي زريقوصلت أخيراً الحرب الدائرة بين بعض العرب وإسرائيل على خلفية ملكية التقاليد الغذائية الى أقصى درجات السذاجة. فبعد معارك الحمص والتبولة والفلافل، جاء الآن زمن نقل النزاع الى السينما. بذلك، تصبح عملية السطو الكولونيالية مجرد سوء تفاهم بين أفراد (الفلسطيني العربي والإسرائيلي اليهودي) متساوين. هذه المقاربة تحوّل الضحايا الى شركاء في الجريمة في أحسن الأحوال أو الى عناصر هامشية تفتقر الى قضية محقة، بالإضافة الى أنها تفتح مجالات تجارية تؤدي الى تكوين أرباح كبيرة من خلال الاتجار بمآسي الغير. هكذا فعل الأميركيون بالسكان الأصليين، الهنود، حين حوّلوهم الى «كومبارس» في أفلام «الوسترن» التي كسبت منها هوليوود المليارات، وبعدهم بالفيتناميين والعراقيين والأفغان. أما الإسرائيليون، فلهم تاريخ حافل في هذا المجال، كما رأينا مثلاً في فيلم «فالس مع بشير» الذي تناول الأزمات الوجودية لجندي إسرائيلي شهد على مجزرة صبرا وشاتيلا التي دبّرها الإسرائيليون ونفذها لبنانيون ممثّلون اليوم في الحكومة ويجرؤون على التهجم على المقاومة. وفي هذا السياق، قام المخرج الإسرائيلي آري كوهين بإنتاج وثائقي من 44 دقيقة، أطلق عليه اسم «الفلافلية» Falafelism، يزور خلاله، بحسب مقال نشر في صحيفة «تورونتو ستار»، مطاعم متخصصة بتقديم الفلافل في بلدان عديدة من فلسطين المحتلة الى كندا ليتذوقها. أما دوافعه، فقد كانت بحسب المقال ذاته، بسيطة: أراد كوهين إيجاد رابط مشترك بين العرب واليهود في فلسطين المحتلة يستطيع أن يبني عليه لتحقيق السلام. ربما لا يتفوق على كوهين إلا ذاك الدبلوماسي اللبناني الذي يظهر في الفيلم ليوافق مع المخرج مصرحاً أنه «يمكن الغذاء أن يؤدي الى المصالحة».