صور ــ آمال خليلبسهولة فائقة، يجد السماق طريقه الى مائدة الإفطار في رمضان، إذ يكاد يكون مشتركاً بين معظم الأطباق الثابتة يومياً. وكونه كان المصدر الأصلي لمذاق الحموضة المكثفة قبل انتشار زراعة الحمضيات في الجنوب بدءاً من منتصف القرن الماضي، لا يزال الكثيرون يفضلون استخدامه. ففي طبق الفتوش، ينتظر مسحوق السماق اليابس إنجاز فرم الخضر ليكمل المذاق مع الملح وزيت الزيتون ورب الرمان. أما الكمونة التي يفضل الكثيرون حضورها على المائدة مع الكبة النية وكمونة البندورة والعدس والبطاطا لما يوفره البرغل من منافع غذائية للصائمين، فإن للسماق نصيباً في خلطتها، على غرار الكبة المقلية والمشوية. إلا أنه في أطباق أخرى ككبة الحيلة يصبح البطل الرئيسي، حيث تتم الاستعاضة عن خلطة اللحم المفروم والبصل بأخرى بخلطة مكونة من البصل المفروم والسماق، الى جانب البهارات الأخرى. كذلك، يصاحب السماق طبق اللحم والدجاج المشوي، بعد أن يُخلَط بالبصل المشرّح والبقدونس والبندورة والحر، كما يستخدم لتزيين أطباق المتبلات والسلطات وفي تتبيل اللحوم قبل طهوها. أما الزعتر اليابس فهو الرفيق الدائم للسماق، وهما ضيفا المعجنات والمناقيش التي يحرص الصائمون على تناولها على الإفطار أو السحور. ويتزامن رمضان هذا العام مع موسم قطاف نبتة السماق التي تنضج وتحمرّ مع ذروة الصيف، علماً بأنها قد بدأت تنضج خلال السنوات الكبيرة قبل موعدها بسبب التغير المناخي. وعندما يقوم المزارعون بقطاف «عناقيد» السماق، تجمع لتنزع منها الأوراق والفاسد منها وتفرش على مسطحات في الشمس لأيام لكي تيبس. بعدها يختلف هؤلاء في طريقة دق السماق. ففي السابق كان الأجداد يدقونه بالمدقة الخشبية على الطبلية، أما حديثاً فقد تلقفت الجاروشة الحديثة السماق والزعتر والبرغل لطحنها بالآلات الأوتوماتيكية.
إشارة الى أن شجر السماق يشهد انقراضاً في بلدات الجنوب بعدما كان يشكل سياج الحقول والبساتين. وعاماً بعد عام تشهد السوق نقصاً في كمياته وارتفاعاً في سعره، برغم أنه يمتاز بقدرته على النمو في الأراضي الجرداء ولا يحتاج الى ري أو الى تربة غنية. وتؤكّد بعض المصادر الغذائية أن السماق انتقل من لبنان وسوريا الى بلاد المتوسط ووصل الى اليونان خلال العصور الفينيقية والرومانية.