أمر واحد فقط يؤرقه: أنه متزوج ويقيم في بيت والده
يدفعه دائماً إلى سؤالي السؤال نفسه، وإجابتي التي لم تكن أبدًا مقنعة له لكي يتذكرها، كافية لكي يسألني بعد جوابي إذا كانت لدي شقة أو أنني مقيم في بيت أهلي، ثم يتبع ذلك بشكوى صادقة من إقامته وزوجته عند أهله ويتمنى صادقاً أن يحصل على شقة لكي ينتقل للسكن في بيت يخصه.آخر مرة، قبل يومين، عندما سألني سعيد هذا السؤال، بدت لي الإجابة الدقيقة معقدة ولا تناسب عدم اكتراث سعيد ولا غرضه من السؤال. لذا فإن إجابتي كانت مقتضبة: لا. لم يبدُ عليه أي تعبير، فقط انقطع مسار الحوار المعتاد وضاعت فرصته هذه المرة. وكان ذلك مريحاً لي للحظات، ولكنه كان أسرع وصولاً إلى الصمت، بدا سعيد مختلفاً وأنا أعلم أنه يبتلع شكواه الوحيدة من هذا العالم، ولم يعد ذلك مريحاً. نظر إليّ سعيد عبر المرآة وابتسم بشيء من الحرج: إيه ده! هو أنا حكيت لك؟ قلت وأنا أفكر في أن ذلك قد يضع نهاية لأحد حواراتنا الأهم والأكثر استقراراً منذ عرفته: كل مرة تحكي لي، خمس عشرة مرة فقط يا سعيد! لم أحسب بدقة ساعتها.
قهقه سعيد بعنف وتوقف عن الحلاقة. ابتعد قليلاً واستند بذراعيه إلى الكرسي الذي أجلس عليه وهو ينظر إلى الأرض يخفي وجهه عن المرآة ولكني رأيت احمرارَ أذنيه وهو يقول: لا مؤاخذة يا باشا. كادت دمعة تطفر من عيني وأنا أشاركه الضحك.
من مدونة «ما بدا لي»
http://mabadali.blogspot.com/2010/04/blog-post_05.html