منذ بداية شهر رمضان، أخذت الاحتجاجات على انقطاع الكهرباء منحى تصاعدياً. شهدت منطقة طريق المطار أوسع هذه التحركات، كان آخرها أمس
محمد نزال
ليل أول من أمس شهد طريق المطار حركة احتجاج جديدة ضد انقطاع الكهرباء، وقد بات مشهد الاحتجاجات مألوفاً في تلك المنطقة. منذ نحو 10 أيام، تقطع مجموعات من الشبّان الطريق اعتراضاً على انقطاع التيار الكهربائي. يستخدم المحتجون مستوعبات النفايات ويضرمون النار بكميات هائلة من الإطارات المطاطية. يضعون في وسط الطريق كميات من الأخشاب والحجارة، ويلفون رؤوسهم بقمصانهم فيبدون مقنعين، لا يريدون لـ«رجال الاستخبارات» أن يعرفوا شيئاً عنهم، خوفاً من توقيفهم لاحقاً. يبقون على هذه الحال، إلى أن تأتي قوة من الجيش، حيث تبدأ المطاردات وعمليات الكر والفر، ولا ينتهي الأمر إلا مع انتهاء الليل، وأحياناً يستمر أبعد من ذلك، إلى الساعة التاسعة صباحاً، كما حصل قبل يومين أمام مستشفى الرسول الأعظم.
لم يكن المشهد مختلفاً ليل أول من أمس، فعند الساعة 12 منتصف الليل، غرقت المنطقة في الظلام. ما هي إلا دقائق، حتى بدأ الشبّان يتوافدون إلى طريق المطار من منطقة برج البراجنة والرمل العالي. أصبح عددهم كافياً لـ«إنجاز المهمة»، فقطعوا الطريق بأجسادهم هذه المرة على الخطين، أي من جانب مستشفى الرسول الأعظم ومن جانب محطة الأيتام. خرج من بين المحتدشين أحد الأشخاص، أكبر سناً من غالبية الموجودين، فوقف على مرتفع وصرخ بالحاضرين «يجب ألا نشعل الدواليب اليوم، ضررها يعود علينا، والمسؤولون في بيوتهم ينامون الآن تحت نعيم المكيّفات. دعونا اليوم نقطع الطريق بأجسادنا»، دعوته لقيت استجابة، جلس الشبان في الطريق، وبدأت زحمة السيارات تزداد شيئاً فشيئاً، وصار السائقون يطلقون الزمامير، ما أضفى على الجو طابعاً من الاحتقان والفوضى.
المحتجون يندسون مباشرة بين الزواريب القريبة ثم يطلون من زواريب أخرى. لذا قرر الجيش، أمس، إرسال أشخاص بثياب مدنية إلى المحتجين، وبهذه الطريقة استطاعوا توقيف أحد الشبّان وأخذه إلى التحقيق، وفق ما روى شهود لـ«الأخبار»، وأضافوا أن التوقيف تم «بعد أن أكل أتل لفرق شتل» (أي أنه ضُرب)، على حد قول أحد أصدقائه الذي تمكن من الفرار أثناء عملية الدهم الفجائية، والذي عاد وتابع احتجاجه والإطار المطاطي معلق على كتفه.

المحتجون يندسون مباشرة بين الزواريب القريبة

قرر عدد من المتحجين إشعال الإطارات، فتدخل مسؤول من حزب الله ومعه عدد من الأشخاص، ووقف خطيباً بالحاضرين: «يا إخوان، صدقوني قطع الطريق لا تقدم ولا تؤخر، عم نضر حالنا هيك، نحن نبذل قصارى جهدنا لحل أزمة الكهرباء، واليوم (النائب) الحاج علي عمار والنائب بلال فرحات كانا مجتمعين مع مسؤولين بشركة الكهرباء، وخاصة لمناقشة موضوع الضاحية. أرجوكم دعوا هذه الليلة تمر على خير، إذا لم نحل الموضوع فستقوم قوة كبيرة من الجيش بالتدخل، وعندها ستهاجموننا وتقولون إننا تركناكم»، وأضاف المسؤول: «ثمة بيوت كثيرة هنا لا تتمتع بوضع شرعي (قانوني) وتصلها الكهرباء رغم ذلك، لأننا عملنا على هذا الموضوع، وقد طلبنا من الجميع أن يعمدوا إلى تركيب ساعات، لنقم بما علينا ولندع الآخر يقوم بما عليه».... لم يستطع المسؤول أن يكمل حديثه، فقاطعه أحد الشبان صارخاً: «خلصونا بقى يا حاج من هذه القصة، قُتل شباب عند مار مخائيل من أجل الكهرباء، واليوم تريدوننا أن نسكت ربما كرمى للوزير جبران باسيل، لا نريد أن نمسح جوخاً، نريد الكهرباء فقط، والله عندي 3 أولاد حالهم يدعو إلى البكاء، نريد الرحمة فقط».
تحدثت «الأخبار» مع مسؤول حزبي في المنطقة، وسألته عن وضع الاحتجاجات اليومية في المنطقة، فقال: «المشكلة أن حزب الله مهما فعل فلا أحد يصدق، الكل يرمي علينا المسؤولية، نحن نفهم وجع الناس، بعضهم حاول أن يضربنا قبل قليل، ولكن... حسبنا الله ونعم الوكيل».