أرملة جميل الأسد تطالب الدولة اللبنانية بتعويض، وابنته تدّعي على الأرملة بجرم سرقة، النزاع بين المرأتين يحتدم في قاعات المحاكم اللبنانية
سوزان هاشم
قبل أكثر من خمس سنوات، تقدمت فلك جميل الأسد، وهي ابنة شقيق الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، بدعوى ضد زوجة أبيها الدكتورة أمل نعمان متهمة إياها بالسرقة. جاء في ادعاء الأسد أمام محكمة جنايات جبل لبنان، أن نعمان أقدمت على الدخول إلى الفيلا التي يملكها الراحل جميل الأسد في عرمون، وكانت برفقة قريبها سامر حمدان، وأخذت منها أغراضاً. طالبت الأسد في الدعوى بمحاكمة نعمان بعقوبة الجناية المنصوص عليها في المادة 639 من قانون العقوبات.
لم تحضر نعمان جلسات التحقيق والمحاكمة، وفي 20/10/2005 صدر قرار عن المحكمة بعدم تجريم المدعى عليهما (أي نعمان وقريبها) بجناية المادة 639 عقوبات، بل بإدانتهما بجنحة المادة 636 بصورة غيابية قابلة للاعتراض.
طعنت الجهة المدعية بالحكم الصادر، وتقدمت باستدعاء تمييزي بالحكم، كما تقدمت النيابة العامة التمييزية، على نحو غير اعتيادي، باستدعاء مماثل، وذلك للمطالبة بإدانة نعمان بجناية وليس بجنحة. قررت محكمة التمييز الجزائية قبول طلبي النقض شكلاً وفي الأساس، ونقض القرار المطعون فيه وإعادة المحاكمة في هذه القضية.
نعمان قالت إن المنزل المزعوم سرقته عائدٌ لها وهو البيت الزوجي
من جهة ثانية، تقدمت نعمان باعتراض على الحكم الغيابي الصادر بحقها، وذلك أمام محكمة جنايات جبل لبنان متذرعة بأنها «لم تقدم على أي فعل جرمي كون المنزل المزعوم سرقته عائداً لها وهو البيت الزوجي للمرحوم زوجها، وهو ثابت في وصيته أنه يعود لأبنائها الثلاثة، وهي كانت بصدد استعادة بعض أغراضها». قبلت المحكمة الاعتراض شكلاً «لوروده ضمن المهلة القانونية واسترداد خلاصة الحكم الغيابي موضوع الاعتراض ووقف تنفيذ مذكرة التوقيف الغيابية، على أن تجرى المحاكمة الوجاهية».
أُبلغت النيابة العامة التمييزية هذ القرار، فرفعت بلاغ البحث الدولي عن المحكوم عليها، وأبدت النيابة العامة مطالعتها بهذا الشأن وفيها وقف النظر بالدعوى العالقة أمام محكمة التمييز لانتفاء موضوعها وإفساحاً في المجال لمتابعة المحاكمة العالقة أمام محكمة الجنايات في جبل لبنان بالصورة الوجاهية، وإثبات براءة الدكتورة أمل نعمان، خاتمةً «إننا نرى قبول الطلب وتقرير وقف النظر بالمحاكمة إلى حين فصل محكمة الجنايات بالاعتراض المقدم أمامها». ما يمكن استناجه أن الطعن التمييزي المقدم أمام المحكمة التمييزية من دون موضوع، كون القرار موضوع طلبي النقض أضحى وكأنه لم يكن، وهنا نعني طلب النقض الذي تقدمت به الأسد والطلب الذي تقدمت به النيابة العامة التمييزية، وفق ما قال لـ«الأخبار» قانونيون تابعوا هذا الملف.
القضية اتخذت منحى مختلفاً عما تتوقعه نعمان، ففي 21 نيسان الماضي، صدر قرار عن محكمة التمييز برئاسة القاضي وائل مرتضى، وهذا القرار قضى بإعلان ختام المحاكمة من أجل صدور الحكم، وانتهى الحكم بتجريم المدعى عليها نعمان غيابياً بجناية المادة 639 عقوبات. في 15 تموز الماضي، تقدمت نعمان أمام الهيئة العامة التمييزية (الناظرة بالدعاوى المقامة ضد القضاة بدعوى بوجه الدولة اللبنانية ممثلة برئيس هيئة القضايا في وزارة العدل)، طالبة إبطال قرار محكمة التمييز وإحالة الدعوى إلى مرجعها المختص أي محكمة الجنايات. ومن جهة أخرى، اعتبار الدولة مسؤولة عن أعمال القضاة وإلزامها بالتعويض وذلك استناداً للمادة 754 أصول محاكمات مدنية، وعملاً أيضاً بأحكام المادة 741 من القانون نفسه التي تنص على أنه: «تجوز مداعاة الدولة بشأن المسؤولية الناجمة عن أعمال القاضي، سواء كان ممن يتولون الحكم أو التحقيق أو النيابة العامة في جميع الحالات التي يجيز فيها هذه المداعاة نص خاص وفي الحالات التالية: الاستنكاف عن إحقاق الحق، الخداع والغش، الرشوة، الخطأ الجسيم الذي يفترض ألا يقع فيه قاض يهتم بواجباته الاهتمام العادي».