علي قعفرانيلم يعد سبب صناعة الدراجات النارية معلوماً. في الأساس، لا أحد من سالكي الطرق في بيروت لا يكترث الآن لهذا الأمر، بل إن الطريقة التي تُقاد بها الدراجات النارية في شوارع العاصمة وأزقّتها تجعل الناس يتمنّون لو لم تكن أصلاً فكرة صناعتها قد خطرت ببال من فبركها. كونها آلية رياضية بامتياز، فمن الطبيعي أن تتسابق سرعتها مع سرعة ارتفاع مستوى الأدرنالين في جسم من يقودها، لكن من يقول بوجوب ارتفاع الضغط والسكري لدى كل من أوجده حظه السيئ قريباً منها؟ وخاصة مع وجودها الكثيف الذي لا يعدّ ولا يحصى! وهل لأحد ما في موقع المسؤولية أن يخبرنا بعددها على الطرق؟ وما زاد الطين بلّة، هو عصر الـ Delivery العظيم، الذي لا يمكن فصله عن الطريقة الرأسمالية في إجبار الناس على الاستسلام لما يقّدم إليهم بحجة توفيرهم عناء الذهاب إلى مركز الأشياء. وهل من طريقة أسرع من الدراجات النارية؟
حين نتكلم عن الدراجات النارية في لبنان لا يمكننا الفصل بينها وبين «الطريقة اللبنانية» غير الطريفة ولا اللطيفة أبداً في قيادتها. تبدأ «بعمى الألوان» الذي يصيب معظم السائقين عند إشارات السير، فهم إما لا يميزون بين الألوان أو أنهم لا يعتبرون أنفسهم معنيين بها؛ بحجة أن «آليتهم» تسير على عجلتين يشعرون أنهم صنف ثالث لا تنطبق عليهم لا صفة «المشاة» ولا صفة «الآليات» فلا يشعرون بضرورة تطبيق قوانين السير (هل أخبرهم أحدٌ بوجودها؟). وربما يصوّر إلى سائقيها أنهم فراشات تزيّن لوحة الطرق العظيمة في بيروت (لا ينقصها إلا الدراجات النارية!) وبالتالي فهم يرفرفون يمنة ويسرة ويتهادون من سيارة لأخرى حتى يخيّل إليك وأنت تقود سيارتك أن سائق الدراجة النارية قد خرج لتوّه من مرآة سيارتك الجانبية أو ربما أفلت من صندوقها الخلفي! ما يؤدي إلى مرافقة شعور «النأزة» إلى منزلك أو مكان عملك من احتمال اقتحام رجل الدراجة الطائر، وعلى عجلة (واحدة) من أمره!
بين هذا وذاك، لا يمكن إغفال المشكلة المعيشية التي تضرب الطبقة الفقيرة من الناس، وبالتالي ما تقدمه الدراجات النارية من حلول مشبعة بالخطر. لكن، يبقى السؤال المهم: هل ستعمد السلطات الرسمية إلى إيجاد حلّ تنظيمي منطقي، تنهي به مسرحية «طَحْن» ما تيسر من الدراجات بطريقة تسيء لصورة الدولة أكثر مما تساهم في حل المشكلة؟ وخاصةً أن الأحاديث المتداولة بين الناس، تصنف المستوردين من فئة «فوق القانون»، المعروفين لدى السلطة!