داني الأمينلا بديل من السباحة في بنت جبيل ومرجعيون، حتى في رمضان. فالحرّ الشديد دفع إلى تغيير النظام الرمضاني، وبدل النوم الذي كان هو التقليد الأساس في مثل هذا الشهر، باتت ضفاف الأنهار هي المقصد الرئيسي للأهالي في كل الأوقات. هكذا، تعجّ ضفاف نهر الليطاني في قعقعية الجسر وطيرفلسيه بالأهالي الهاربين من حرّ بيوتهم.
قبل أسبوعين من حلول شهر رمضان، كان الأهالي يتسابقون على حجز الأماكن في الاستراحات والمطاعم الملاصقة للنهر وفي المسابح للتعويض عن «أيام الشح» في رمضان، وخصوصاً أنه «لا يجوز في هذا الشهر طمس الرأس في الماء فيبطل الصوم»، كما يقول أحمد نحلة من بلدة الطيبة. هكذا ظنوا، ولكن الحر الشديد دفعهم للتغاضي عن هذه المحاذير الدينية. هكذا، قرر نحلة مخالفة التقاليد والتوجه مع أسرته إلى ضفاف نهر قعقعية الجسر القريب من بلدته. ويقول الشاب الذي لم يترك النهر منذ بداية رمضان «الحرّ الشديد غيّر كل تقاليد الصيام، فبينما كنا في مثل هذه الأيام نفضّل البقاء في المساجد لقراءة القرآن والأدعية، أصبحنا نخاطر حتى بصيامنا فنقصد النهر». ليس نحلة وحده من غير العادة، فالمئات من الأهالي يقصدون يومياً النهر «الذي لا بديل منه»، حسب خالد قوصان من بلدة عيترون. يبرر الأخير سبب هذا التغيير في العادات، فيشير إلى «أننا نضطر للسباحة في عز الصوم لأن المنازل غير مجهّزة بالمكيفات، وأكثر من ذلك إن كانت مجهزة نعاني من الانقطاع

أصبح الأهالي أمام خيار من اثنين إما السباحة أو الإفطار

الدائم للتيار الكهربائي». كل هذا يضع الأهالي أمام خيارين «إما السباحة أو الإفطار اللذيذ، ولكن السباحة أكثر إلحاحاً»، يضيف قوصان. تؤكد فاطمة قازان كلام قوصان، فتقول «لم نعد نستطيع في تحضير الطعام المتعارف عليه في شهر رمضان، فنطبخ ما يسهل تحضيره، وبعض الميسورين يشترون طعامهم». ثمة مشكلة أخرى، إذ تشير قازان إلى أنه «إذا أردنا شراء طعام لا نستطيع فعل ذلك يومياً لأنه مكلف جداً، ولا طاقة لنا على تحمله». لكن مع ذلك تقول قازان «السباحة أكثر إلحاحاً من الإفطار في هذا الحر». وفي هذا الإطار، يرى محمد عطوي، صاحب إحدى الاستراحات في قعقعية الجسر، أن «هذه هي المرة الأولى التي يرتاد فيها الأهالي بأعداد كبيرة ولافتة النهر في شهر رمضان، وخصوصاً في النهار، فالأمر مثير ويدلّ على أن حرارة الطقس إضافة إلى سهولة ارتياد النهر بعد فتح طريق وادي الحجير جعلت من الأهالي يفضّلون السباحة على أي شيء آخر». وتشرح هبة حمادة من بلدة الصوانة كلام عطوي، فتقول إنه «بعد فتح طريق وادي الحجير منذ عامين، بات الأهالي يستسهلون ارتياد النهر، وهذا أمر مهم جداً بالنسبة لنا لأنه يمكننا إطفاء الحر من دون أن نبتعد كثيراً عن بيوتنا».