إهدن ــ فريد بو فرنسيس صبيحة كل يوم، يصطف أهالي بلدة إهدن الجردية أمام سبيل المياه الذي أقامته البلدية في محلة «الأوبرلو» في ساحة البلدة. ينتظرون طوابير طوابير من أجل التزود بمياه الشفة التي تفتقدها بيوتهم. هكذا، بات مشهد تعبئة المياه عادياً. وقد تعلّم الأهالي كيفية التعايش مع هذا الهاجس اليومي في المنطقة التي تعدّ من أغنى البلدات الجبلية في قضاء زغرتا بمصادر المياه الجوفية، وهي المنطقة نفسها التي عُرفت منذ زمن طويل بأنها بلد «المي والفي». قبل سنوات، لم تكن إهدن على هذه الحال، ولكن ثمة سببين جعلا هذه البلدة بحاجة إلى «نقطة المياه» وهما «انخفاض منسوب المياه في نبع مار سركيس، إضافة إلى عدم استكمال مشروع تجميل مدخل النبع، واهتراء وقِدم شبكة المياه الرئيسية التي تؤدي إلى تسرّب المياه قبل وصولها إلى المنازل»، يقول رئيس بلدية زغرتا ــــ إهدن المهندس توفيق معوّض. هذا الواقع يزيد سوءاً في فترات الصيف، حيث يقل منسوب النهر كثيراً، ولا تعود مياهه العذبة كافية لا للشرب ولا للري. ولهذه الأسباب، باتت تغيب المياه لفترات طويلة عن البيوت في بعض الأحياء، وقد يمتد هذا الغياب لأسابيع. ليس انخفاض المنسوب هو السبب الرئيسي، فالأهالي اعتادوا منذ سنوات هذا الانخفاض، ولكن ما زاد الطين بلّة هو المشروع التجميلي لمدخل النبع. وفي هذا الإطار، يشير معوّض إلى أن «ما حصل عند مدخل النبع هو أن الأعمال التي نفذتها وزارة الأشغال العامة، منذ حوالى خمس سنوات، بقيت ناقصة، حيث لم تُستكمل أقنية الري وقساطل المياه من أجل جرها إلى البلدة، الأمر الذي أدى إلى تسرب المياه بطرق عشوائية إلى أماكن أخرى غير البلدة»، يضيف

تنفذ شركة «بوداي» الكويتية مشروعاً متكاملاً للمياه ينتهي بعد سنتين

معوّض. ولهذا السبب، «طلبت البلدية مهندسين إيطاليين وفرنسيين من أجل إخراج المياه مجدداً من النيع بطريقة منظمة، ونحن في طريقنا إلى المعالجة عبر مشروع متكامل ينفذ حالياً على مدى 24 شهراً». وقد دعا معوض الأهالي «ليصبروا قليلاً، فشركة بوداي الكويتية تنفذ مشروعاً متكاملاً للبلدة سوف تكون نتائجه إيجابية ويتحسن وضع المياه في إهدن، ونحن في البلدية ألّفنا لجنة من اختصاصيين لمتابعة تنفيذ المشروع الذي سيخدم بلدة إهدن على مدى ثلاثين عاماً». وبانتظار انتهاء المشروع، لا يجد الأهالي سبيلاً إلا... السبيل الذي عززته البلدية بعدة «حنفيات» لتسريع حاجات الأهالي، إضافة إلى الاستعانة بصهاريج المياه، التي يحجز «النقلة» فيها الأهالي قبل يومين أو ثلاثة. وقد ارتفعت صرخة الأهالي بسبب غلاء المياه، فهم يدفعون المال لشراء المياه والفواتير «للدولة» لتعبئة خزاناتهم في المرات النادرة التي تزورهم فيها المياه. كل ذلك وإهدن جاثمة على بحيرة كبيرة من الخزان المائي الجوفي. ولكن، يبقى السؤال هنا: إذا كان البعض قد حلّ المشكلة عبر شراء المياه، فماذا سيفعل المزارعون بمزروعاتهم؟ وكيف سيُروى التفاح الذي يعد موسمه مصدر رزق أساسياً لأكثر من 25% من الأهالي، وخصوصاً بعدما جفت بحيرة بقوفا الاصطناعية باكراً هذا الصيف؟ لن يكون الجواب حاضراً قبل إنهاء المشروع، وإلا فلا موسم هذا العام.