رنا حايك«ألو... مرحبا. عفواً رح نتأخّر شوي عالحجز تنسمع أخبار قبل ما نمشي. في قذائف آر. بي. جي بالشارع اللي حدنا». هذه العبارة ليست من فيلم. هي «روتين» في يوميات فتاة بيروتية. على عكس ما قد يبدو، لا تعاني الفتاة عادة من تبلّد في ما يتعلق بالشأن العام. هي معنيّة به، وتعاني، إضافة إلى ذلك، من قلق مزمن إلى جانب اضطرابات نفسية أخرى اكتسبتها مع هويتها اللبنانية والطبقة الوسطى التي تنتمي إليها، ولا سيما لوثة اليسار التي تكمّل «الباقة». إلا أنها بحكم العادة، أصبحت تعرف أن بروفات الحروب والحروب المصغّرة هي لعنة مدينتها، فلم تعد تسمح لها بأن تسيطر عليها. انطلاقاً من ذلك، لمَ تضيّع حجزاً في أفخم المطاعم أكدته منذ أسابيع للاحتفاء بمناسبة غالية عليها، ولو أن اللقمة ستكون «بتغصّص» شوي. في هذا السياق، يُغفَر لها الاستخفاف الطوعي بحادث برج أبي حيدر ساعة وقوعه، لأنها كانت متأكدة من أنه سيُطوى، بعد ساعات، تحت عنوان «حادث فردي». ولكن، السخرية التي واجهها بها مدير المطعم الفخم في الأشرفية، رغم اعترافه بأنه سمع بالإشكال، غير مبرّرة، اللهم إلا إذا عددنا الأشرفية مقاطعة ثانية، بعيدة عن برج أبي حيدر. إيه... بلد!