صيدا ــ خالد الغربينفقت كميات كبيرة من الأسماك داخل مرفأ الصيادين في صيدا. «رياس» البحر عزوا السبب إلى وجود «مجرور» تصب مياهه في الميناء، وقد فاض منسوبه أخيراً بعد إقفال بلدية صيدا لمصبات أخرى من مياه الصرف الصحي وربطها بمحطة تكرير المياه، لتتحول أجزاء من هذه المصبات إلى «المجرور»، محولة إياه إلى ما يشبه «جورة صحية» أدّت إلى تسمم الأسماك الموجودة داخل الحوض، فماتت وطفت على المياه.
رئيس البلدية وعد بمعالجة المجرور قبل نهاية رمضان
عند الميناء، راح مصطفى القبرصلي يندب الأسماك النافقة وحظ الصيادين. ينتشل الرجل من المياه سمكة كبيرة نافقة ويقول «مش حرام هيدي البورية بتزين كيلوغرام نفقت وماتت». ويردف: «شوفوا هيدا سرب نافق من سمك العقيص وسمك المواسطة وأنواع أخرى ماتت بعز موسمها، إنّو شو يعني هيدا قتل جماعي؟». يقدّر القبرصلي أعداد الأسماك النافقة بالآلاف و«هذه الأزمة مرشحة لتتحول إلى كارثة حقيقية لأن الموت المحتم ينتظر المزيد منها، إذا لم يعالج المجرور. تتراقص الأسماك النافقة صعوداً وهبوطاً داخل حوض الميناء، لكن النسبة الكبيرة من «الضحايا» كانت في أسراب الأسماك الصغيرة التي تعيش طفولتها في الميناء وقرب المجاري، قبل أن يقوى عودها وتغادر إلى عمق البحر على حد قول «الرياس» في ميناء صيدا.
وأوضح أحد البحارة عبد رنو «إنها المرة الأولى التي تموت فيها الأسماك بكميات كبيرة كهذه، فهي لم تستطع مقاومة قوة المجرور وتلوّثه وما يحمله من سوائل صناعية تستخدم في المصانع، فاختنقت». وأبدى رنو خشيته من تسرب هذا التلوّث إلى عمق البحر «فالمياه تتحرك ومن يضمن أن لا تنتقل الكارثة إلى عمق البحر؟».
أما اللقاء الوطني الديموقراطي فأصدر بياناً رأى فيه أنّ «هلاك الثروة السمكية يعود إلى بلوغ التلوّث في مياه البحر مستوى مرتفعاً جداً لا سابق له، ولا يسمح باستمرار أي نوع من أنواع الحياة البحرية». وعزا اللقاء السبب إلى إقدام البلدية أخيراً على تحويل مياه الصرف الصحي لمجرور «القملة» إلى المرفأ فتضاعف التلوّث في مياهه. وأكد أنّ هذه الكارثة البيئية تلحق الضرر بأرزاق الصيادين عدا أضرارها الأخرى المتعددة. وهي تضاف إلى كارثة أخرى تتمثل بالطوفان اليومي لمحطة تجميع المجاري الصحية. وأكد رئيس بلدية صيدا محمد السعودي، في اتصال مع «الأخبار»، «أننا سنقفل جميع المجاري التي تصب في البحر عبر تحويلها إلى شبكة ضخ المجاري المنجزة منذ 4 سنوات». وأقفلت البلدية، بحسب السعودي، مصب «القملة»، والعمل جارٍ على إقفال «المجرور» الذي يصب في ميناء الصيادين، وذلك خلال أيام معدودة. كذلك سيُعالج «المجرور» بالقرب من استراحة صيدا، على أن يقفل قبل نهاية رمضان، تمهيداً لإنهاء هذه الآفة البيئية التي تعود إلى 30 سنة.