يحفظ اللبنانيون الرقم 112 باعتباره باباً للشرطة. يطرقونه للإبلاغ عن حادث، لكن ثمة ثُغَر في العلاقة بين المواطن والشرطي. المواطن يتّهم الشرطي بالتقصير، فيما يرد الأخير شاكياً نقص العديد والتجهيز
رضوان مرتضى
يقع حادث أو جريمة، سرقة أو قتل. تُسارع إلى أقرب هاتف لتضغط على الرقم 1 مرّتين قبل أن تُتبعه بالرقم 2. تطلب رقم الطوارئ : «آلو.. عمليات الشرطة»، يجيبك أحد عناصر قوى الأمن العاملين في هذه الغرفة. تخبره عن الحادث ومكانه، فيسجّل المعلومات التي تحوي اسم الشخص المبلّغ ورقم الهاتف والعنوان. يُحوّلها المتلقّي إلى الضابط المناوب الذي يعمّم بدوره الخبر ويُوجّه دورية إلى مكان الحادث المبلّغ عنه. كذلك يكلّف الضابط المذكور رتيب التحقيق في الفصيلة، حيث النطاق الذي حصل فيه الحادث، بمتابعة التحقيق مباشرة على الأرض، قبل أن يُعلم الرؤساء من خلال برقية تُرسل إليهم عبر الفاكس تحوي معلومات مفصلة عن الحادث.
الإجراءات المذكورة أعلاه تختصر آلية العمل في غرفة العمليات بطريقة مبسّطة رغم الدقة والتعقيد اللذين يسمان العمل فيها. فضغط الاتصالات الذي ينهمر على العاملين في هذه الغرف في حال حصول حادث، يفرض الدقة في التعامل وسرعة الاستجابة منعاً للفوضى وتسريعاً للمعالجة بأفضل السُبل، وفي بعض الأحيان يفوق الضغط الاحتمال فيقع التقصير.
عنصر في دوريات الطوارئ لا ينفي اتهامات تعمّد التأخّر في الوصول إلى مكان الحادث
ما ذُكر ليس سوى نقطة البداية التي تُبنى عليها خطة الشرطة للمعالجة، والتي تبدأ مع إرسال دورية إلى مكان الحادث. لكن عند هذه الخطوة يبرز الشقاق بين المواطن وأصحاب الرقم 112، إذ ينقل عدد من المواطنين لـ«الأخبار» معاناة يقاسونها مع دوريات الـ112. فيذكر هؤلاء أن هذه الدوريات نادراً ما تحضر عند وقوع خلافات كبيرة بين المواطنين أنفسهم في عدد من المناطق، مشيرين إلى منطقة ضاحية بيروت الجنوبية مثالاً، فضلاً عن ذكرهم لبعض الأحياء الأخرى. ويلفت آخرون إلى أن هذه الدوريات إن حضرت في مناطق أخرى، فهي تتعمّد الوصول متأخّرة، رغبة من عناصرها في الوصول بعد انتهاء الخلاف كي لا يدخلوا في «حمأة المعركة» فينالوا نصيباً من التهجّم لم يكن مكتوباً لهم. كذلك يشكو مواطنون آخرون من انشغال رقم الطوارئ في بعض الأحيان لمدة تفوق عشرين دقيقة.
جزء من كلام المواطنين يؤكّده أحد العناصر العاملين في دوريات الطوارئ، وهو لا ينفي اتهامات تعمّد التأخر في الوصول إلى مكان الحادث، فيعطي ذريعة لتأخّره تتمثّل في احتمال استخدام المتشاجرين السلاح في معمعة الشجار، وفي هذه الحال قد تطاله رصاصة. ويشير العنصر المذكور إلى أن عناصر الشرطة يتخوّفون من أن يتهجّم المتشاجرون على دورياتهم في لحظات غضبهم، لذلك يلجأ بعضهم إلى تعمّد التأخّر في الوصول إفساحاً في المجال لحسم الشجار، فلا يبقى أمامه سوى بعض المشاركين المتعبين الذين لن يكون أمامهم سوى الادّعاء والإدلاء بإفاداتهم.
شكاوى المواطنين واتهاماتهم لغرف العمليات وعناصر الطوارئ بالتقصير، يجابهها العناصر أنفسهم بشكاوى مضادة على بعض المواطنين الذين يلهونهم باتصالات عن حوادث وهمية. كذلك يذكر أحدهم أن بعض النسوة يقضين وقتهنّ بتكرار الاتصال برقم الطوارئ لتمضية الوقت ومسايرة العناصر الموجودين بهدف التسلية. تضاف إلى ذلك شكاوى محقّة من النقص في التجهيزات وعديد العناصر العاملين في هذه الغرف، الأمر الذي يمثّل عائقاً يمنعهم من أداء عملهم على أكمل وجه. ويشير هؤلاء إلى أن غرفة العمليات هي لتسهيل التواصل والترابط بين الوحدات، لافتين إلى أن الخطة تنطلق من «الغرفة» وكذلك الأمر بالنسبة إلى عمليات التنسيق، لكنّ الخطوات التي تُنفذ ميدانياً مصدرها من توجّهوا إلى الأرض. وفي ما يتعلّق بمشكلة نقص عديد العاملين في هذا القطاع، يشيرون إلى أنها جزء من مشكلة مديرية قوى الأمن الداخلي ككل، لكنهم يسألون عن سبب عدم تحديث الأجهزة الموجودة لتعويض النقص العددي وتسريع وتيرة العمل، إذ لماذا لا يكون هناك إنترنت لإرسال البرقيات من خلاله بدل الفاكس؟
أما في ما يتعلّق بشغل رقم الطوارئ، فيرد أحد العناصر العاملين في غرف العمليات السبب إلى ضغط الاتصالات الكبير بحيث لا يعود معه الكادر البشري قادراً على تلبية جميع الاتصالات، أو تصبح الشبكة غير قادرة على الاستيعاب. ويلفت العنصر المذكور إلى أن الضغط أحياناً يؤدي إلى تداخل الشبكات بعضها ببعض. فبدل أن تُجيبك غرفة عمليات بعبدا أثناء اتصالك وأنت موجود في نطاقها، تردّ عليك غرفة عمليات الجديدة أو بيروت. والمعلوم أن أرقام 112 مقسّمة هوائياً حسب المنطقة، فتجيبك غرفة العمليات التي يجري الاتصال في نطاقها الهوائي.
ويشير هؤلاء إلى أن رفد غرف العمليات بالعديد الكافي من الكادر البشري وبخدمة مميزة، وتجهيزها بالعتاد اللازم والأجهزة المتطورة، جميعها أمور تساعد في تحسين الأداء والإنتاجية في مجال مكافحة الجريمة.


تنسيق مع غرفة العمليات

يتحدث رئيس غرفة عمليات بيروت الرائد محمود بلطجي عن دور كبير لغرفة العمليات في ضبط سيارات مسروقة نتيجة الإبلاغ الفوري من المواطنين وسرعة التنسيق بين عناصر الغرفة ودوريات الشرطة المنتشرة في الطرقات. حول الاتصالات الوهمية التي يقوم بها بعض المواطنين، يشير الضابط المذكور الى أنه عند تكرار الاتصال ثلاث مرّات، تُسطّر تلقائياً ملاحقة قضائية بحق المتّصل. أما في ما يتعلّق بتلكؤ عناصر الدورية في الوصول الى مكان الحادث، فيشير الرائد بلطجي الى أن هناك متابعة من عناصر الغرفة مع الدورية، وفي حال التأخّر أكثر من عشر دقائق يُفتح تحقيق لمعرفة السبب. كما يلفت الرائد بلطجي الى وجود أجهزة لمراقبة الدوريات عبر الأقمار الصناعية لكنها معطّلة حالياً بانتظار جلب قطع غيار لها.


تكنولوجيا

يتحدّث قائد سرية بعبدا العقيد جورج حدّاد عن تحديث في برنامج عمل غرفة العمليات سيجري اعتماده. ويكشف لـ«الأخبار» أن البرنامج الذي سيُعتمد يُعرف باسم TETRA، لافتاً الى أن كلفة الجهاز الباهظة تُرتّب أعباءً إضافية على ميزانية المديرية وتُسهم في بطء التنفيذ. ويؤكد العقيد حدّاد أهمية تركيب أجهزة لتسجيل الاتصالات، لأن ذلك يضبط المواطنين الذين سيعلمون أن أصواتهم ستُسجّل ما يعني إمكان ملاحقتهم. ويلفت العقيد الى أن تسجيل الاتصالات يُريح العنصر ويُحمّله المسؤولية في الوقت نفسه، لأنه سيعلم أن تصرّفه مع المواطنين سيصل مسجّلاً لرؤسائه. يختم العقيد حداد حديثه بضرورة التركيز على التطور التكنولوجي لأن ذلك يحسّن أداء قوى الأمن في مكافحة الجريمة.