آمال خليل«عضّ الأصابع ندماً» هو الجوّ المسيطر في بلدة علما الشعب، التي أدّت الخلافات بين عائلاتها وأفرقائها السياسيين إلى إلغاء الانتخابات البلدية فيها بعدما قلّ عدد المرشحين عن نصف مقاعد المجلس البالغة 12 مقعداً. ويجمع قسم كبير من الأهالي على أن الخلاف والتصلب في الرأي «كانا خطأً جسيماً فوّت على علما نعمة البلدية». وبحسب أحد الأهالي، فإن البعض «يشعر باليتم أو بغياب المرجعية في ظل عدم وجود بلدية»، على الرغم من توكيل قائمقام صور حسين قبلان لرئيس البلدية السابق جان غفري، قبل أقلّ من شهر، بمعاونته في إدارة شؤون البلدة.
لكن هذا الأمر لا يعوّض غياب المجلس البلدي، والامتيازات التي تحرم منها البلدة نتيجة ذلك. أول هذه الامتيازات المفقودة، تحويل الأموال المرصودة لبلدية علما الشعب من صندوقها إلى صندوق قائمقامية صور مع تحوّل إدارتها والتصرّف بها من أمين سر البلدية ورئيسها إلى أمين سر القائمقامية والقائمقام. واللافت أن جزءاً من أموال علما سوف يذهب بدل أجر إضافياً لأمين السرّ بدلاً من إدارته لها. وفي هذا الوضع، يحتاج أيّ قرار أو مشروع يقترحه أبناء البلدة إلى موافقة القائمقام. كما أن علما الشعب باتت مستثناة من اجتماعات اتحاد بلديات قضاء صور الذي يدير شؤونها ويوزع عليها المشاريع التنموية. والسبب هو «أنها ضيّعت بلديتها». إشارة إلى أن علما توصف بأنها مركز القرى الحدودية في قضاء صور، فهي تضمّ مركز الدفاع المدني ومخفر الدرك. كما أن ثانويتها ومتوسطتها الرسميتين ومدرستها الخاصة ومحالها التجارية مقصد لأبناء المنطقة وعناصر اليونيفيل.
امتياز آخر يفتقده الأهالي يتعلق بالأموال. ليس تلك التي ترصدها وزارة الداخلية والبلديات للصندوق البلدي المستقل فحسب. لكن المنح التي تقدّمها الهيئات الدولية المانحة ووحدات اليونيفيل العاملة في المنطقة، والتي تفضل توافر سلطة محلية في البلدة التي تقرّر دعمها أو مساعدتها، لكي تتعاون معها.
فبالنظر إلى التطوّر الإنمائي الذي حققته البلدة منذ تحريرها قبل عشر سنوات، يتبين أن معظمها مموّل دولياً مثل شبكة الصرف الصحي وتأهيل شبكة الإنارة وإنشاء معصرة للزيتون وحديقة عامة واستحداث قاعات كومبيوتر ومختبر للفيزياء في المدرسة الرسمية وتكرير مياهها. بالإضافة إلى مشروع تأهيل طريقها الرئيسي الذي سينجز خلال الفترة المقبلة كجزء من المشروع الإيراني لتعبيد الطريق الحدودية من كفركلا حتى الناقورة.
ويوضح غفري أن أهمية البلدية التي كانت قائمة في علما هو أنها «كانت مؤسسة إدارية منظمة»، مشيراً إلى أنها «كانت تدير مولداً كهربائياً توزع منه الكهرباء إلى منازل الأهالي، فضلاً عن عمال النظافة والشرطة البلدية». وبسبب انفراط البلدية وتحويل الأموال عن إدارتها، فإن الخدمات «تأثرت في البلدة كما أن لا قدرة على تحمل أجور العمال والموظفين».
من هنا، ينشط فعاليات البلدة منذ استتباب عقد البلديات المنتخبة، إلى التواصل مع وزارة الداخلية والمعنيين لإجراء انتخابات فرعية ملحقة خاصة بعلما الشعب التي يقيم فيها نحو 1500 من أبنائها، فيما يتردد إليها 4500 آخرون.
واللافت أن البلدة التي تريد استعادة قرارها الذاتي عبر إعادة الانتخابات، لا تستبعد عودة الخلافات مجدداً وتأليف لوائح عدة متنافسة. فيما يرجح آخرون أن تتجه فعاليات البلدة نحو التوافق وفوز المجلس البلدي المقبل بالتزكية خوفاً من تضعضع المجتمع الأهلي مجدداً.