تتلاحق الاعتصامات الفلسطينية لإقرار الحقوق الإنسانية والاجتماعية للّاجئين في لبنان. أمس، كان البرلمان على موعدين: اعتصام للجبهة الديموقراطية بالتزامن مع اجتماع لجنة الإدارة والعدل لبحث هذه الحقوق
قاسم س. قاسم
«إقرار الحقوق الإنسانية للفلسطينيّين في لبنان دعم حقيقي لحق العودة». عبارة رفعها معتصمو الجبهة الديموقراطية أمس في ساحة جبران، للمطالبة بإقرار الحقوق الإنسانية للفلسطينيّين في لبنان. وتجسّد هذه العبارة المنهج الذي يعتمده الفلسطينيّون في مقاربة ملف حقوقهم. حقوق لا يجوز ربطها بالسلاح خارج المخيمات، أو بمذهب الفلسطينيين وطائفتهم. فالحقوق المطلوبة هي حقوق مشروعة لا يمنَّن بها في حال إعطائها، إذ إنّها ببساطة تطبيق للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي يتغنّى لبنان بأنه أحد واضعيه. إقرار الحد الأدنى من الحقوق الإنسانية للفلسطينيين لا يعني أنّ التوطين أصبح قاب قوسين أو أدنى، ولا يعني أنّ الفلسطيني سينسى أرضه من أجل شقة سكنية هنا، أو بسبب وظيفة هناك. هكذا، بالتزامن مع اجتماع لجنة الإدارة والعدل النيابية أمس لدراسة مشاريع قوانين تقضي بإعطاء اللاجئين في لبنان حقوقهم، اعتصم العشرات من أبناء المخيمات في ساحة جبران. الاعتصام كان مفترضاً أن يكون أقرب إلى المجلس النيابي، تحديداً في ساحة رياض الصلح، لكن لم يؤذَن لهم بالاقتراب من ساحة رياض الصلح لأسباب أمنية. هكذا، وقف المعتصمون خلف لافتات حمراء كتبوا عليها مطالبهم، أبرزها حقّا العمل والتملّك. ورأى علي محمود، عضو قيادة الجبهة الديموقراطية، أنه رغم مرور «عشرين عاماً على انتهاء الحرب ما زال شعبنا يحمل الإرث الثقيل للنتائج الأليمة للحرب، ويدفع ثمنها حتى اليوم». أضاف إنّ السياسات التي تنتهجها الدولة اللبنانية بحق الفلسطيني لا يمكن أن «تدرأ خطر التوطين، وهي لا تُنتج سوى بطالة وأمراض وأوبئة واضطرابات اجتماعية لا تستطيع حواجز الأمن في محيط المخيمات أن تججب تداعياتها».
من جهته، تحدّث راجي حكيم، عضو تجمّع اللجان والروابط الشعبية، الذي رأى أنّ «جدار برلين سقط بينما نبني نحن اللبنانيّين كل يوم جداراً في وجه الإخوة الفلسطينيّين». ثم قرأ محمد عربيد، عضو الشباب الديموقراطي، نصّ المذكّرة التي وجّهتها المنظمات الديموقراطية الفلسطينية إلى أعضاء لجنة الإدارة والعدل، والتي طالبت بإقرار حق العمل، السماح بالتملّك، إعادة إعمار مخيم نهر البارد، وتحسين أوضاع المخيمات الفلسطينية. تابعت لجنة الإدارة والعدل، في جلستها أمس، درس حقوق اللاجئين الفلسطينيّين. وقد بدأت جلسة الأمس ببحث تعديل المادة 79، التي تتعلّق بحق الفلسطيني في أن يقاضَى أمام مجلس العمل، أو أمام مجلس العمل التحكيمي. وعن هذه النقطة، لفت رئيس اللجنة النائب، روبير غانم، إلى أنه «تبيّن أنْ لا حاجة إلى هذا الاقتراح لأنّ صلاحية مجلس العمل التحكيمي شاملة ومادية وليست شخصية، وحتى الآن لم يرد بالشكل أيّ طلب مقاضاة من أيّ عامل فلسطيني في لبنان». وأكد «أنّ هذا الحق مشروع ولا حاجة إلى تعديل المادة لأنها تشمل بوضوح كل العمال في لبنان، وبالتالي تشمل العمال من اللاجئين الفلسطينيين». وبالنسبة إلى تعديل المادة 59 التي تتعلق بإعطاء اللاجئين الفلسطينيّين المولودين على الأراضي اللبنانية والمسجّلين رسميّاً حقهم، شرط المعاملة بالمثل ودون إجازة عمل، أشار غانم إلى أنه «ثمّة ثلاث فئات: الفئة التي أتت سنة 1948 مع الورثة، وهؤلاء مسجلون وقيودهم مضبوطة لدى الأونروا والأمن العام، ويأخذون وثيقة سفر بين سنة وثلاث سنوات، والفئة الثانية جاءت بعد عام 1967، وأفرادها يستطيعون أن يأخذوا وثيقة سفر لسنة واحدة، والفئة الثالثة تضم الذين جاؤوا من الضفة وغزة، ويعطيهم الأمن العام بطاقة تعريف، إذا تقدّموا بطلب لذلك». ومن المفترض أن تُعقد جلسة أخرى، التاسعة والنصف من صباح الاثنين المقبل، قبل موعد الجلسة التي حدّدها الرئيس نبيه بري الأربعاء المقبل.
من جهته، أكد وزير العمل بطرس حرب أنّ «ما تكرّس أمس في الاجتماع هو التوجه الإيجابي للتعامل مع هذه الاقتراحات من دون أيّ حساسيات، إنما في إطار المبادئ التي يجب أن ترعى العلاقة اللبنانية ـــــ الفلسطينية، وفي إطار ما التزمته الحكومة في بيانها الوزاري لجهة سعيها إلى إقرار الحقوق الإنسانية والاجتماعية للفلسطينيين». وأكّد حرب «وجوب التمييز بين الحقوق المدنية والحقوق الاجتماعية والإنسانية».
على صعيدٍ آخر، بحث رئيس كتلة المستقبل النيابية الرئيس فؤاد السنيورة، في صيغة موحّدة لمشروع قانون يعنى بالأوضاع الإنسانية والاجتماعية للّاجئين الفلسطينيّين المقيمين.