سبق لوزير الداخليّة والبلديّات أن طلب رسميّاً إزالة الملصقات والصور، تطبيقاً لقانون النظافة العامة، وأمس، كرر طلبه في تعميم يطلب من البلديات تكليف الشرطة البلدية إجراء مسح للمخالفات، متى التنفيذ؟
فاتن الحاج
لا تشفع الرسوم الجدارية المنتشرة على سور مدرسة الكبوشية في الحمرا من تعديات الملصقات الإعلانية. وإذا كان البعض «ما إلو عين يحط إعلانو على الرسم مباشرة»، فإن هؤلاء لم يوفروا الزاوية اليتيمة في السور الخالية من الرسوم مقابل أحد المقاهي. عند هذه الزاوية وضع محمود كشك الجرائد الخاص به وفوقه ألصقت عشرات الإعلانات التجارية لشركات الكومبيوتر ودور السينما والمسارح والمسابح والمعارض. «لا يجرؤ أصحاب الإعلانات على إلصاق الأوراق على الرسمات»، يقول وسام، صاحب أحد المحال المجاورة الذي كان يتصفح الجريدة في المكان، ثم يضيف «مرّة واحدة عملوها وكتبوا شي مش منيح من دون ما يراعوا إنو هون في ولاد عم يتعلموا، بس محوها بسرعة». يمسك وسام بيده مجموعة من الملصقات المتراصة بعضها فوق بعض متسائلاً: «تفضلي، شوفي هالسماكة! هودي شو بدّو يشيلن بعد». وعندما نبلغ وسام بأنّ وزير الداخلية زياد بارود أصدر تعميماً في 3 تموز الجاري، وآخرَ أمس، لإزالة الصور والإعلانات عن الأملاك العامة وجدران الطرق والمؤسسات وأعمدة الكهرباء والهاتف تحت طائلة إحالة المخالفين أمام النيابة العامة المختصة، ينتفض قائلاً: «وين؟ ما شفنا حدا إجا، كلو حكي بحكي، لا الناس بيلتزموا ولا الدولة بتلاحقهم».
تتدخل نجاة طراد، وهي معلمة متقاعدة، لتقول إنّ «مثل هذا التعميم على أهميته غالباً ما يصطدم بالاتصالات «اللي بيشغّلها» أصحاب الإعلانات فور حصول ما يعكر عليهم صفو الفوضى، بالمراجع العليا من جهة، وبالبطء في وصول المعلومات إلى الدوائر المختصة والتنفيذ من جهة ثانية. تستدرك: «على كل حال عندما تكون ثقافة القانون غائبة يصبح كل شيء مباحاً، واللي مش متعوّد على التعب في البيت والمدرسة أكيد بدّو يتمرد على القانون».
على بعد أمتار قليلة، يقف المهندس أحمد جزيني بالقرب من الواجهة الزجاجية لأحد المحال التي لم تسلم هي الأخرى من اجتياح الملصقات لمجرد أنّ المحل مقفل بسبب أعمال الديكور.
لم يسمع جزيني بالتعميم، ويعتقد أنّ فعالية القرار تبدأ عندما يعلم به المواطن أولاً ومن حقه ذلك. لكن هذا الأخير بات متيقناً، كما يقول، من أنّ «مثل هذه القرارات لن ترافقها إجراءات صارمة للتنفيذ، وبالتالي ما في داعي يشعر بالسخن ويحسب حساب لهيدا الشي وخصوصاً أنّ هناك أولويات أهم بكتير».
هنا لا يلوم الطيّار غالب الجردي الحكومة وحدها «فالشعب لديه صلاحيات تحميه وتحمي المجتمع من الخطأ». يشرح كيف أنّ المواطن في دول العالم الأخرى يستطيع أن يمارس دور الشرطي والرقيب والحسيب تماماً كما الدولة، «وعبارات متل بعيدة عن ظهري، بسيطة، مش موجودة بقاموسن». لكن جزيني يصر على سؤال صديقه: «هلق قللي إنتَ سمعت بالتعميم؟».
يجيب الجردي: «ما سمعت بشي لكن ما لازم ننطر التعميم لنكون بوليس ننبه العالم على المخالفات». ومع ذلك، لا يخفي الطيّار يأسه من تحقيق ذلك في لبنان في المدى المنظور: «بعد بكير لنصير بهيدا المستوى، يمكن شي 200 سنة ضوئية».
العبارة نفسها يستخدمها أحد أصحاب بسطات الساعات في شارع الحمرا: «بدنا 3 مليارات سنة لنصير متل العالم والناس».
يُعرب الساعاتي عن اعتقاده أنّ تنفيذ هذه التعاميم لا يتعدى «الهبّات الساخنة والباردة» يقوم بها المسؤولون عنها. يشرح فكرته قائلاً: «متل العادة شو بدّو يكون الوضع أحلى من الحزام، بيعطوا مهلة وبعدين بتجي القوى الأمنية وبتكون شرسة بتطبيق القرار وأبو جمعة بيرجع الوضع متل ما كان».
أما عبد، صاحب أحد المطاعم، فيرى ضرورة أن تلاحق الدولة مصدر الإعلان لا من يلصقه «هيدا موظف معتر عم ياخد أجرته».
ليس بعيداً عن شارع الحمرا، لا يختلف الواقع على جدران وزارات السياحة والإعلام والداخلية في منطقة الصنائع، فملصق «الحياة حلوة ما تشك فيها» للتوعية ضد المخدرات ما زال هنا منذ 26 حزيران الماضي.
يقضي تعميم وزير الداخلية والبلديات الصادر أمس (الرقم 1390) أن يصار إلى التقدّم من النيابة العامة الاستئنافية بشكوى جزائية بالاستناد إلى قانون المحافظة على النظافة العامة الصادر في حقّ المخالفين، ويطلب الوزير من المحافظين، في حال تخلّف رؤساء البلديات عن إجراء المقتضى، أن يحلّوا محلهم في ملاحقة المخالفين. فهل يرى المواطنون تنفيذاً؟