هذا الحر الخانق، كان السبب في ترك الأهالي منازلهم. ومن لم يتسنَّ له الخروج وقع أسير المنزل مسترخياً لهواء «المكيّف» حين تتوافر الكهرباء. في أوقات الظهيرة وحتى ما قبله يصبح البقاع أقرب إلى منطقة يفرض فيها الحرّ حظّر تجوال. ويبقى هذا الحظر، حتى غروب الشمس، لتعود بعدها الحركة إلى الأزقة المقفرة.
استقبلت مستشفيات البقاع عدداً من حالات الإسهال والقيء بسبب الحر
لا يكفّ الثمانيني أبو عبد القادر بدري عن التساؤل: «شو اللي صاير؟ من زمان ما شفنا هيك موجة شوب؟ شو بدنا نعمل يا عمي؟». كان بدري يبحث وعائلته عن «قعدة بجوار النبع» (نبع عنجر)، لكن زحمة الناس التي وجدها بانتظاره هناك، حرمتهم من «الكزدورة»، فعادوا أدراجهم إلى المنزل، وأقفلوا الستائر للاحتفاظ بحرارة المنزل الداخلية على أساس أن «اللي بيرد البرد برد الشوب».ديالا أحمد، الهاربة من منزلها في تعنايل إلى أحراج عميق، تقول، وهي تلوّح بيدها علها تأتي بنسمة هواء، «شي مش معقول، افضل شي الواحد يطلع من البيت بكير وهيك صار لأنو البيت مش محمول».
عند نبع شتورا الذي يكتظ محيطه بالهاربين من حرارة تموز اللاهبة، يجد وسيم ورفاقه المنهمكون في شواء اللحوم، أن «القعدة بين الشجر بالطبيعة مع أنو شوب، أهون علينا في هذا الطقس ومن البقاء في المنازل بين 4جدران». يتابع وسيم «إذا بقينا بالبيت بنولع، المروحة ما بتجيب إلا هوا سخن».
الجدير ذكره أن ارتفاع درجات الحرارة سبب حالات عديدة من الإسهال والقيء وضيق التنفس، وخصوصاً بين الأطفال والمسنين ومرضى الربو. وقد استقبلت مستشفيات البقاع، بحسب مصدر طبي، خلال اليومين الماضيين، عدداً من هذه الحالات. وكانت درجات الحرارة المرتفعة سبباً في سلسلة من الحرائق التي تنقّلت بين منطقة وأخرى من البقاعين الغربي والأوسط، والتي «حصدت» في طريقها الكثير من حقول القمح قبل أن تطاله مناجل أصحاب الرزق.