خلافاً لموقف المدعي العام الدولي دنيال بلمار العلني، تعقد اليوم جلسة استماع يواجه خلالها اللواء الركن جميل السيّد رفض بلمار تسليم مستندات قد يرتكز عليها لملاحقة المسؤولين عن الاعتقال التعسّفي في إطار التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري
عمر نشابة
تعقد عند الساعة الثالثة من بعض ظهر اليوم الجلسة العلنية الثانية للمحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وستبث وسائل الإعلام المرئية وقائع تلك الجلسة التي سيستمع خلالها قاضي الإجراءات التمهيدية دنيال فرانسين إلى موقف المدير العام السابق للأمن العام اللواء الركن جميل السيّد الذي طلب «الحصول على المواد الثبوتية الخاصّة بالإدلاءات التشهيرية والاحتجاز التعسّفي» الذي تعرّض له (رفع الطلب إلى رئيس المحكمة القاضي أنطونيو كاسيزي في 17 آذار الفائت). ثم سيستمع القاضي إلى موقف المدعي العام دنيال بلمار الذي يواجه السيّد عبر رفضه تسليم المواد الثبوتية رغم اعترافه بعدم اختصاص المحكمة الدولية في ملاحقة مطلقي «الإدلاءات التشهيرية والاحتجاز التعسّفي». وبالتالي سيتبين اليوم ما إذا كان بلمار ما زال مصراً على منع تحقيق العدل عبر منع حصول ضحية اعتقال تعسفي على ما يحتاج إليه لملاحقة المسؤولين عن الظلم الذي لحق به.
وكان فرانسين قد أمر في 25 حزيران الفائت بعقد جلسة الاستماع العلنية، مخالفاً مناشدة بلمار في 23 حزيران بعدم عقد جلسة علنية تتيح للسيّد التعبير عن موقفه بالصوت الحيّ (viva voce). واعتبر فرانسين أن عقد الجلسة يأتي «في مصلحة العدالة» (الفقرة 8 من نصّ القرار).
السيّد: ستكون مرافعتي من العيار الواضح الذي يضع النقاط على الحروف
وذكرت أمس مصادر مقرّبة من المحكمة الدولية أنها تتعرّض لضغوط سياسية منذ اتخاذ فرانسين قراره وأن أحد وكلاء ضحايا جريمة 14 شباط 2005 عرض «المساعدة» على بلمار لحثّه على التمسّك بموقفه بمواجهة السيّد. فالمحامي عرض أن يصدر عنه بصفته وكيل عدد من الضحايا طلب إلى القاضي فرانسين بعدم السماح بتسليم المستندات التي يطلبها السيّد. لم يُعلم ردّ بلمار على ذلك العرض ورفض مكتب المدعي العام التعليق على الأمر.
سألت «الأخبار» السيّد قبيل مغادرته لبنان أمس عما سيُدلي به أمام المحكمة اليوم فقال: «ستكون مرافعتي من العيار الواضح الذي يضع النقاط على الحروف حول طبيعة الموضوع، وذلك ليتمكّن القاضي من البحث عن الحلّ الذي يراه مناسباً». ولدى سؤاله عن احتمال حصول مفاجآت قال «نحن لا نبغي السوسبنس لكن الموضوع كله قد يتضمّن مفاجآت، فما جرى، أي إصرار المدعي العام على التمسّك بالأدلّة في قضية ليست من اختصاصه، خروج على الأصول».
وشدّد السيّد على أنه سيتابع الموضوع حتى النهاية.
عبّرت أوساط السيّد عن تخوّفها على أمنه وسلامته قبيل انعقاد الجلسة، إذ إن مرافعته قد تتضمّن معلومات موثّقة عن أشخاص يشتبه في ضلوعهم في جرائم خطيرة. وذكّرت تلك الأوساط بإحدى فقرات قرار فرانسين الذي صدر في 29 نيسان 2009 والذي أمر فيه بفكّ احتجاز الضباط الأربعة التي تنصّ على طلب فرانسين «من السلطات اللبنانية، طبقاً لالتزامها التعاون مع المحكمة الخاصّة، باتخاذ كل الإجراءات اللازمة لضمان سلامة اللواء الركن جميل محمد أمين السيّد».
يشار إلى ثلاث ملاحظات أساسية تتعلّق بانعقاد جلسة المحكمة اليوم:
1ــــ إن نقل وقائع الجلسة عبر وسائل الإعلام المرئية لن يكون مباشراً بل مع تأخير 30 دقيقة. يفتح ذلك المجال للقاضي رئيس الجلسة بممارسة رقابة على بعض ما سيجري. فإذا اعتبر القاضي أن بعض مضمون ما سيدلي به الطرفان لا يجوز تعميمه إعلامياً، فقد يتحفّظ على بثّه.
2ــــ يُرجّح ألا يعلن فرانسين عن قراره بشأن طلب السيّد في نهاية الجلسة علنية، بل إنه سيرفع الجلسة وينزوي في مكتبه لمراجعة ما تقدّم والتشاور مع الخبراء القانونيين إذا لزم الأمر. ومن ثمّ يعلن في جلسة علنية قراره ويتاح لأي من الطرفين استئناف ذلك القرار. وقد يستغرق اتخاذ فرانسين قراره ساعات أو أياماً وذلك بحسب مضمون ما سيتقدّم به الطرفان خلال جلسة اليوم.
3ــــ دعا فرانسين في نصّ قراره الصادر في 25 حزيران الفائت رئيس قلم المحكمة هيرمان فون هابل إلى اتخاذ الإجراءات المنصوص عنها في القاعدة 139 من قواعد الإجراءات والأدلة، ومن بينها «حفظ جميع الأدلة المادية المقدمة أثناء الإجراءات»، ما قد يعني احتمال تقدّم الطرفين بأدلّة كهذه خلال جلسة اليوم.